Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

على مائدة أهل البيت

$
0
0

دعاء اليوم

اَللّـهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ الْجِنانِ، وَأغْلِقْ عَنّي فيهِ أَبْوابَ النّيرانِ، وَوَفِّقْني فيهِ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، يا مُنْزِلَ السَّكينَةِ فى قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ.

● عن الامام الصادق عليه السلام «نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب».

 

الإمام علي (عليه السلام) وعبادة الأحرار

ورد عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب أنه قال «ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار».

وقال في مناجاته لله: «الهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا رغبةً في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».

 

منهاج للعلاقة مع الله

ونحن نعيش ذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، علينا أن نلتفت الى بعض زوايا العظمة في شخصيته، وأن نأخذ الدروس والعبر من سيرته ومن أهم تلك الجوانب:

علاقته مع الله سبحانه وتعالى، فهو يضع منهاجا لتوجه الانسان العبادي لربه وهذا المنهاج يعتمد على قاعدتين:

الأولى: قاعدة المعرفة

اذا تعرف الانسان على ربه وعرف شيئا من عظمته ورحمته، فان هذه المعرفة تدفعه لعبادة الله وتجعله مقبلا عليها. وبالنسبة للذين لا يعبدون الله اما لأنهم يجهلون الله خالقهم أو لأنهم غافلون عن عظمته سبحانه وتعالى. أمير المؤمنين يرسي هذه القاعدة ليس من أجل أن هذه العبادة تعود بمردود على الانسان أو تدفع عنه ضررا، وانما لأن الخالق يستحق أن يعبد فقوله «الهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا رغبة في ثوابك» لا يعني هذا الكلام أن عليا لا يخاف عقاب الله ولا يرغب في ثوابه، وانما يعني أن الدافع لعبادة الله عند علي بالدرجة الأولى هي معرفته لعظمة الله سبحانه وتعالى «ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» يلفت أمير المؤمنين نظرنا الى أنه لا يجب أن نتعامل مع الله تعالى بعقلية الخوف أو الطمع، وانما يجب أن نلتفت الى أن الله تعالى هو أهل للعبادة والخضوع بالدرجة الأولى، وهذا المعنى للعبادة ترجمة واضحة للقاعدة الأولى وهي قاعدة المعرفة.

القاعدة الثانية: قاعدة الشكر

الطمع والخوف يرتبطان بأمر مستقبلي والشكر يرتبط بأمر سابق، فلو أن انسانا صنع لك معروفا واحسن اليك في الماضي فتارة:

● تقدم له الشكر على احسانه.

● وتارة أخرى تقدم له الشكر لأنك تريد أن يدوم التواصل معه من أجل استمرار وصول احسانه ومنفعته اليك. أمير المؤمنين يقول: عليك أن تشكر الله على ما أسبغ عليك من نعمه، فالمنعم يستحق الشكر. وقوله ان قوما عبدوا الله رغبة في مصلحة مستقبلية يريدونها من الله فتلك عبادة التجار، يعطي حتى يأخذ رغبة، وان قوما عبدوا الله رهبة خوفا من عذابه، خوفا من ألا يعطيهم النعمة التي يريدونها فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا على ما أعطاهم على ما منحهم فتلك عبادة الأحرار.

 

مفهوم العبادة

والسؤال المهم هو: هل هناك فرق بين أن ينطلق الانسان في عبادته من المعرفة والشكر أو ينطلق في عبادته من الرغبة والخوف؟

نعم، وتتجلى تلك الفروق في أن من يعبد من أجل الرغبة أو الرهبة فانه يكتفي بالمقدار الذي يظن أنه يحقق له ذلك مثل الموظف الذي يعمل بمقدار الراتب الذي يعطيه اياه رب العمل، كذلك الذي لا يصلي الا ما فرضه الله من الصلوات الخمس اليومية طمعا في الثواب وتجنبا من عقوبة تارك الصلاة فقط. أما الانسان الذي يصلي لأنه يرى الله أهلا للعبادة ويتعبد حتى يشكر الله على ما اسدى اليه من النعم، وأفاض عليه من الخير فانما هو عاشق يخدم معشوقه تقرباً اليه وحباً له. هذا اللون من العبادة هو عبادة من يريد ان يشكر نعم الله تعالى عليه، وهذه لا تكون بمقدار أداء ما يسقط منه الواجب فقط، وانما بمقدار ما يتمكن ويستطيع، فأداء الصلاة الواجبة مع كل مستحباتها هي لمن يعبدون الله لأنه أهل للعبادة وشكرا له على آلائه وفضله ونعمه، ولذلك لا يكتفون بهذا الحد وانما يطالبون أنفسهم بأقصى ما يستطيعون ويتمكنون. وهكذا كانت عبادة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب.

 

دعاء وتضرع ومناجاة

أما الدعاء فقد ورد عن الامام الصادق أن أمير المؤمنين رجل دعاء - يعني كثير الدعاء، وقد حفظ لنا التاريخ شيئا من أدعيته العظيمة الرائعة، وكيف كان يناجي الله سبحانه وتعالى. نذكر هذا المقطع من عبادته ومناجاته، فقد نقل أبو الدرداء قال: «شهدت علي بن أبي طالب بشويحطات النجار وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه، واستتر بمغيرات النخل، فافتقدته وبعد علي مكانه، فقلت لحق بمنزله فاذا أنا بصوت حزين ونغمة شجية وهو يقول الهي كم من موبقة حلمت عني فقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك الهي ان طال في عصيانك عمري.. (مع كل هذه العبادة انظروا كيف يناجي ربه) ان طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك ولا أنا براج غير رضوانك. فشغلني الصوت يقول أبو الدرداء واقتفيت الأثر فاذا هو علي بن أبي طالب بعينه. فاستترت له وأخملت الحركة فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع الى الدعاء والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله أن قال: الهي أفكر في عقوبتك الهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي. ثم قال آه آه ان أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول خذوه فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته يرحمه الملا اذا أذن فيه بالنداء. ثم قال آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من غمرة من ملهبات لظى. وصار يناجي ربه حتى وقع مغشيا عليه. وكم ذكر التاريخ من موارد لمناجاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تتجلى فيها خشيته وتعظيمه لله سبحانه وتعالى.

 

العمل دليل الصّدق

ثم تأتي الفكرة العامّة الّتي تلاحق الشّخصيّة الإنسانيّة في طهارتها الرّوحيّة، وفي سلامتها الأخلاقيّة.. فلا بدّ للإنسان من أن يدخل في برنامج عمليّ، يختار فيه الأعمال الزّاكية التي تتميّز بمواقع القرب من الله، لتترك تأثيرها الإيجابي في إيجاد حالة روحيّة تتميّز بالقوّة العاصمة التي تتطهّر فيها الشّخصيّة من ضغط الذّنوب عليها، وتبتعد عن العيوب الّتي تعيق حركة الإنسان عن السّير في الاتجاه السّليم... وفي ضوء ذلك، نعرف أنّ مسألة التّصحيح السّلوكيّ لا تتحدّد بالتّوبة الفكريّة أو الشّعوريّة، بل لا بدّ من أن تتمثّل بالممارسة العمليّة المضادّة التي تصدم ضغط الانحراف بقوّة الاستقامة، فينطلق العمل في خطّ الله، فيرتفع منه إلى الله، في تقارير الملائكة، المستوى الّذي يقلّ عنه عمل الملائكة، من خلال ما نبلغه من الدّرجة العالية في مواضع رضاك.

 

الصبر رأس الإيمان

وورد عن الامام الكاظم (ع) في وصيته لهشام بن الحكم: «يا هشام، اصبر على طاعة الله، واصبر على معاصي الله أي اذا أجهدتك الطاعة فاصبر عليها ولا تتركها، والا فانه ستحل مكانها المعصية فانما الدنيا ساعة هو مقدار احساس الانسان بالدنيا فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأتِ منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت». ويقول الامام عليّ (ع): «الصبر أن يحتمل الرجل ما ينوبه، ويكظم ما يغضبه»، وورد عنه (ع): «الصبر صبران صبر عند المصيبة حسنٌ جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرّم الله عزّ وجلّ عليك، والذكر ذكران ذكر الله عزّ وجلّ عند المصيبة، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرّم الله عليك فيكون حاجزاً».


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles