
إذا كان هناك احتمال مرتفع أن المرأة ستصاب بنوع وراثي من سرطان الثدي، فمن الوارد أن ينصحها الأطباء باستئصال غدد الثدي أو المبيض، على سبيل الوقاية. فعملية كهذه ستساهم في خفض نسبة إصابة المرأة بالورم، بمعدل يصل حتى ثمانين في المائة. والمشكلة تكمن في أن أعدادا قليلة من النساء يرضخن لهذا الواقع، ويوافقن على إجراء العملية، وذلك يرجع لأسباب نفسية بالدرجة الأساسية. والممثلة الأميركية الشهيرة أنجلينا جولي تحلت بالجرأة ووافقت على استئصال ثدييها لأسباب مماثلة.
وللتوضيح، يعتبر فحص جين الـ BRCA1 أو BRCA2 جزءا طبيعيا من الرعاية المرتبطة بالنساء الأكثر عرضة للإصابة بالمرض (أي من لديهن عوامل الخطر)، ولا يعد فحصا واجبا على جميع النساء. حيث يفحص هذا التحول الجيني وغيره في النساء اللواتي ينتمين إلى عائلات حصلت فيها إصابات مماثلة في القريبات من الدرجة الأولى مثل الأم، الخالة، الجدة، عندما كنّ تحت سن الخمسين. وطبعا، تخشى كثير من النساء الخضوع لهذا الفحص، لأنهن لا يرغبن بمعرفة نسبة الخطورة التي تحدق بهن. وإذا تبين أن التحول الجيني موجود لديهن، فإن الحل الذي تلجأ إليه النساء في غالب الأحيان هو مماثل لذلك الذي خضعت إليه الممثلة جولي. فوجود التحول الجيني من نوع BRCA1 يعني وجود احتمال كبير للإصابة بالورم. وفي هذه الحالة يستطيع الأطباء اقتراح إجراء عملية استئصال وقائية لغدد الثدي (ما يعرف باستئصال الثدي) أو المبيض.
ومن الملائم الخضوع للعملية إذا كانت المرأة حاملة للتحول الجيني من نوع BRCA1، لان ذلك يدل على ان خطر نشوء السرطان لديها يعادل %70 إلى %80، بينما يعادل خطر نشوء سرطان المبيض لديها %50. وفي حال تم خلال هذه العملية الوقائية الجذرية (الراديكالية) إزالة هذه الغدد الهرمونية بشكل كامل، فإن احتمال تعرض هذه المرأة للسرطان سينخفض جدا.
أما السبب التالي لإزالة الثدي، فيتمثل باكتشاف تغيرات جذرية في الغدة الصدرية. وغالبا ما يكتشف الأطباء هذه التغييرات خلال الفحص، الذي يتم بواسطة الجهاز الإشعاعي (يسمى الماموغرام) أو الذبذبات الصوتية (السونار).
تخفّض الخطر إلى أدنى درجة
تخفض العملية الجراحية خطر نشوء سرطان الثدي عند الذين لديهم استعداد وراثي حتى %1 إلى %5. وفي الوقت الحاضر تعتبر عملية استئصال الثدي كأفضل طرق الوقاية، ولكنها تمثل للأسف ثقلا نفسيا كبيرا يمنع كثيرا من النساء من التفكير بإجرائها. ورغم تحبيذ الأطباء لهذه العملية، فإن نساء محدودات فقط يتحلين بالجراءة ويقررن الخضوع لهذا الإجراء الوقائي.
ومن الممكن إجراء هذه العملية في أي عمر خلال فترة البلوغ، لكن النساء اللواتي لم يُنجبن بعد، سيفقدن بسببها إمكانية إرضاع أطفالهن، وغالبا ما ترفض المرأة التي تبلغ الخامسة والثلاثين من العمر ولم تنجب الأطفال بعد، الخضوع لعملية استئصال الثدي، لكونها ترغب بالإنجاب والإرضاع. فتختار هذه النوعية من النساء سلك طريق الوقاية المنتظمة والمستمرة من خلال الخضوع للفحص الدوري بالذبذبات الصوتية، الرنين المغناطيسي، بالإضافة للفحص الذاتي، وبعد أن ينجبن الأطفال ويقررن أنهن لا يرغبن بآخرين، يقررن الخضوع للعملية الجراحية. وهذه هي حال الممثلة أنجيلا جولي البالغة من العمر 37 عاما، والتي لديها 6 أطفال، ثلاثة منهم بالتبني.
سيليكون وأنسجة ذاتية
في الوضع المثالي، يتم استئصال الثديين وإعادة هيكلتهما ضمن عملية واحدة. ولكن ذلك لا يكون ممكنا عند بعض المريضات، فيتم عندئذ تقسيم الأمر إلى عمليّتين بشكل مستقل. والعملية الثنائية تكون صعبة التنفيذ وتستمر لبضع ساعات، حتى يتم خلالها تعويض أنسجة الثدي التي تمت إزالتها، بمادة السيلكون أو الأنسجة الجلدية. وبعد ذلك، يفترض بالنساء اللواتي يخضعن لعملية استئصال الثدي زيارة الطبيب المختص بشكل مستمر للخضوع لفحص رقابي وقائي، يعتمد على التصوير بالذبذبات الصوتية أو الكشف بواسطة اللمس.