
إذا كنت في روما تصرف أو افعل كما يفعل أهلها. هذا ما تقوله الحكمة المنتشرة في معظم دول العالم. المعنى واضح بالطبع، لكننا اليوم سوف نأخذك إلى إيطاليا وليس إلى روما وحدها، لنتعرف على بعض ما يميز إيطاليا والإيطاليين. وسوف نصطحب معنا خبرات اكتسبها من سبقنا لزيارة هذا البلد الرائع بأهله وتاريخه وآثاره، وبطعامه الشهي أيضاً، مع بعض الفوضى المحببة أو ربما المزعجة التي يمكن أن تبدو غريبة للبعض.
ما إن تطأ قدماك الأرض الإيطالية حتى تكتشف بنفسك مقدار حب الإيطاليين لتقديم النصائح للغريب على صورة أوامر وتعليمات، حتى لو لم تسألهم: جرّب هذا الطعام أو الشراب، جرّبه مرة ثانية، حاول تغيير تسريحة شعرك، غيّر هذا الحذاء أو إن لون قميصك غير مناسب لطقس هذه الأيام، لا تسرع، إسرع فالطريق واسعة، لماذا تتصرف وكأنك عجوز؟ أرقص.. إضحك.. غنّ.
غالباً ما يصل الزوار والسياح إلى إيطاليا عبر مطار روما لأنهم يحلمون بزيارة معالمها الأثرية الشهيرة، اعتقاداً منهم أن الآثار تتركز في العاصمة، وهذا خطأ كبير، وكما يقول أحد خبراء السياحة فالرومان القدماء كانوا مشغولين دائماً في صنع ما يدل على حضارتهم، وبالتالي بالإمكان الاستمتاع بمشاهدة الآثار الرائعة في كل مكان تقريباً من شبه الجزيرة الإيطالية.
على هذا الأساس لن تخسر شيئاً يذكر إذا دخلت إيطاليا عبر صقلية أو ميلانو لأنك ستجد الآثار على مقربة من المطار أو الميناء وكأنها تنتظر وصولك، فإيطاليا تتألف من عشرين مقاطعة وفي كل مقاطعة آلاف المعالم الأثرية التي تخلب الأنظار.
هذا لا يعني في أي حال من الأحوال التخلي عن زيارة روما فهي تغص بكل ما يسحر الزائر من مباهج الحياة بالإضافة لآثارها بالطبع.
التوقيت الإيطالي
المقصود هنا ليس القرب من غرينيتش أو البعد عنه فالإيطاليون لهم توقيتهم الخاص الذي يتغير باستمرار.. يختلف بين شخص وآخر أو بين منطقة وأخرى، فإذا قال لك أحدهم إنه سيلتقيك في الخامسة مثلاً فلا تغضب إذا جاءك في الخامسة والنصف أو السادسة، لأن الوقت متحرك في إيطاليا كما يؤكد زوارها.
وإذا قال لك مندوب الشركة السياحية إن زيارة المتاحف أو التجول بين الآثار ستبدأ في العاشرة صباحاً فلا تغضب إذا تأخر في الوصول لبضع دقائق أو لنصف ساعة، على الرغم من أنه من المؤكد سوف يغرقك بعبارات الاعتذار.
التوقيت الإيطالي «المطاط» لا يقتصر على المرشدين السياحيين وحدهم فهو يشمل معظم المؤسسات التجارية بما فيها المطاعم ودور السينما، ولذلك فالنصيحة لك أن تتصل بالمطعم الذي تريد تناول طعامك فيه قبل الذهاب للتأكد من أنه لم يغلق أبوابه في ذلك اليوم أو قبل الموعد المكتوب على تلك الأبواب.
اللغة
غالباً ما يعتقد السائح في إيطاليا أنه سيجد من يتفاهم معه بعيداً عن لغة الإشارة، وأن اللغة الإنكليزية باتت لغة عالمية إلى حد كبير، هذا صحيح في مطاعم وفنادق روما ونابولي وميلانو حيث في الإمكان سماع الكثيرين يلفظونها بلكنة محببة، لكن إذا ابتعدت عن هذه المدن فلا تحلم بالعثور على من يتكلم الإنكليزية، وإذا كان هناك من يعرف اللغة فسوف يصر على التحدث بالإيطالية فقط لأنها اللغة القومية التي يحبها ويعتز بها.
في هذه الحالة لا نستطيع سوى أن نتمنى لك حظاً سعيداً بالإيطالية Bocca Al Lupo.
موقف السيارة
إذا كنت ممن يفضلون استئجار سيارة لتنقلاتك في هذه البلاد فعليك أن تعرف بعض قوانين المرور، فالوقوف المجاني مسموح فقط أمام الأرصفة المصبوغة باللون الأبيض أما إذا كانت الميزانية تسمح فعليك بالأرصفة الزرقاء فالمواقف فيها متوافرة في معظم الأوقات.
الأرصفة المصبوغة باللون الزهري مخصصة للحوامل في شهورهن الأخيرة وليس في بدايات الحمل، أما الأرصفة الصفراء فهي للمعاقين وبالطبع هناك مخالفة كبيرة لمن يوقف سيارته في أي من هذه المواقف إذا لم تكن السيارة تحمل اللوحة المخصصة التي تصدرها إدارات المرور للمعاقين فقط.
أما إذا خلت الأرصفة من الألوان الأربعة فاحذر الوقوف في منطقة ممنوع الوقوف Divieto di Sosta أو في منطقة سحب السيارة المخالفة Zona di Rimozione.
جولة بالسيارة
إذا رغبت في زيارة هذه البلاد الرائعة والتجول في أرجائها بسيارة مستأجرة فلا تعوّل كثيراً على خرائط غوغل أو على جهاز الإرشاد بالأقمار الاصطناعية (جي. بي. اس)، إذا كنت تتصور أن هذا الجهاز أو تلك الخرائط سوف تساعدك في توفير بعض الرسوم المفروضة على القيادة في الأوتوسترادات عن طريق سلوك الطرق الفرعية والجانبية لأنك كلما أوغلت جنوباً، ستكتشف أن الطرق الضيقة والمزروعة بالحفر والخالية من إشارات المرور أو أي تنظيم لن تتركك تستمتع بالرحلة، خاصة إذا لم تكن خبيراً في هذه المناطق وعارفاً في خباياها وأسرارها.
ولمعلوماتك، فالطريق السريع المسمى Via Appia الذي يربط العاصمة روما بمدينة برينديزي الجنوبية خال من الإضاءة في معظم مناطقه، كما أن كثرة تعرجاته تثير أعصاب السائق إذا لم يكن معتاداً على القيادة فيه. وبالتالي فمن الأفضل أن تدفع الرسوم المقررة وتقود سياراتك على الأوتوستراد المنظم والسريع بالفعل.
جندول البندقية
من المؤكد أن ركوب الجندول في هذه المدينة العائمة والساحرة هو الحلم اللذيذ الذي يراود الجميع، وبخاصة الرومانسيون منهم، لكن عليك أن تحذر فالتسعيرة غالباً ما تكون حسب مزاج صاحب الجندول أو الشركة السياحية، ولذلك عليك أن تكون مستعداً لتسلم فاتورة تقلب حساباتك، فالجولة التي تستغرق نصف ساعة على سبيل المثال قد تصل فاتورتها إلى مائة وثلاثين دولاراً للشخص الواحد.. وبالتالي، فمن الأفضل الاتفاق المسبق على التسعيرة حتى لا تفاجئك أرقامها في وقت لاحق وتوقظك من أحلام اليقظة والرومانسية.
أما إذا كنت لا تزال راغباً في الجولة النهرية وحريصاً على عدم تخريب الميزانية فهناك «التراكيتو» وهو تاكسي نهري يستخدمه سكان المدينة في تنقلاتهم.. يمكنك الاستمتاع بالرحلة وكأنك في الجندول لكنها أقصر قليلاً ولا تكلف سوى خمسة دولارات فقط.
لكل مدينة أكلاتها المتخصصة
الطعام الإيطالي مشهور في أنحاء العالم كافة لكن حين تكون في إيطاليا عليك أن تعرف أن لكل منطقة أكلاتها المشهورة بها، وبذلك يستحسن ألا تختلط عليك الأمور فتطلب «بيتزا» من نادل مطعم في ميلانو على سبيل المثال.
لكل مدينة في إيطاليا أكلاتها المتخصصة فالبيستو في جنوا، والبيتزا في نابولي، والريفيولي واللازانيا في بولونيا، والريسيتو في ميلانو، والسباغيتي في روما. أما الحلوى الإيطالية الشهيرة «تيريميسو» فيمكنك العثور عليها في كل المطاعم الإيطالية تقريباً على الرغم من أنها انطلقت من المناطق الشمالية في البلاد، وبالتحديد من منطقتي لومباردي وفينيتو.
الوصية رقم 1
إذا كنت في مطعم إيطالي إياك ثم إياك أن تطلب من النادل إضافة طبقة من الجبن فوق مأكولات بحرية، فهذه الوصفة مقبولة في أنحاء العالم كافة باستثناء إيطاليا التي يعتبرها أهلها من الممنوعات منعاً باتاً، وكما يقول خبير سياحي فإضافة الجبن مهما كان نوعه فوق مأكولات بحرية يعتبر انتهاكاً لواحد من أكثر الوصايا قدسية في أتيكيت المطبخ الإيطالي.
في السنوات الأخيرة بدأت بعض المطاعم في المناطق التي يؤمها السياح الأجانب تتساهل في هذا الموضوع لكن الإيطاليين أنفسهم وبالذات المتقدمين في السن يعتبرونه من المحرمات الغذائية.
البقشيش
البقشيش ليس شائعاً أو واجباً في إيطاليا كما هي الحال في العديد من دول العالم ومع ذلك فالإيطاليون، وبالذات العاملون في مجال الخدمات السياحية يتوقعونه لأنهم يدركون أن دفع البقشيش أو الإكرامية مسألة تسري في عروق السياح الأجانب الذين يتباهون بالدفع في المطاعم والمقاهي، بل حتى في العروض الفنية وغيرها.