Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

«الحفار» دكتاتور متعته دفن الأحياء

$
0
0

يسير الفنان هاني النصار الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية في أعماله المسرحية التي يخرجها بتأكيد رؤيته المعارضة للحكم الدكتاتوري والتسلط، ويوما بعد آخر يواصل تأكيد هذا النهج، كما أنه يؤكد نضوجه فكريا وفنيا مع كل عمل يقدمه.

في مسرحية «الحفار» للمؤلف علي عبدالنبي الزبيدي يقدم النصار صورة أخرى للدكتاتورية غير التي قدمها في أعماله السابقة، غلفها بشخصية حفار القبور، وشارك في بطولة المسرحية التي قدمت مساء أمس الأول على مسرح الدسمة ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الثالث عشر مجموعة من الوجوه الشابة بينهم عبدالعزيز النصار وحسين العوض ومحمد أكبر، المسرحية من تقديم فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية.

 

الحفار الدكتاتور

الحفار مهنة شريفة يقوم بأداء وظيفة حيوية ترتبط بحفر القبور للموتى، وهي مهنة شاقة لكنها تتيح لمن يمارسها أن يقترب كثيرا من عمل الفضيلة وحب الناس، وهو أيضا يثاب على عمله هذا، لكن ماذا يحدث لو أن هذا الحفار سعى لممارسة أمور أخرى لا ترتبط بوظيفته الأساسية؟ ماذا يحدث لو ان هذا الحفار استغل وظيفته الإنسانية ومارس سلطته على رقاب الآخرين؟

في «حفار» علي عبدالنبي الزبيدي نجد الحفار يمارس دكتاتوريته، ويسعى لدفن الأحياء، وهي مفارقة غريبة، هذا الإنسان يستغل وظيفته يحاول دفن الأحياء وتعذيبهم دون سبب واضح باستثناء أنه يريد رؤية المزيد من القبور، وفي الوقت نفسه فهو يطلب ممن وقع عليه الاختيار بحفر قبره بنفسه، وتعذيبه طوال فترة الحفر، هذه اللذة في التعذيب تقدم لنا صورة لبشاعة الدكتاتور في كل مكان وزمان.

 

صورة مختلفة

يقدم لنا المؤلف صورة للسلطوي الذي يمنع الطعام والشراب عن ضحاياه، ويتفنن في تعذيبهم.

الحفار الذي يمارس دورا غير دوره المعهود إليه لا يجد غضاضة في تعذيب مساعديه أيضا، لكن هذا الأمر ينقلب ضده في النهاية فيلاقي مصيره على يد المساعد.

وتبدأ بعدها ثورة شعبية ضد الظلم والتسلط، تبدأ الثورة ضد الدكتاتور من قبل مجموعة من الضحايا الأحياء الذين ينقلبون على من حاول دفنهم أحياء بمساعدة مجموعة من الذين عملوا مع الحفار.

 

رؤية فنية

لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال تجاهل المشهد الاستهلالي الذي سبق فتح الستارة، وهو مشهد رجل يحمل عدته ويحفر القبور دون كلل أو ملل، فهذا المشهد جزء أساسي من العرض المسرحي وإن جاء خارج سياق العرض العام.

مع فتح الستارة يجذبنا المخرج إلى التشكيل الجمالي في عرضه المسرحي مستغلا قطع الديكور المتناثرة على الخشبة مشكلا وحدة فنية متجانسة.

ظهور الرجل الذي يحفر قبره بيده دون أن يعلم لمن هذا القبر يشكل صورة جميلة خاصة مع توسلاته بطلب الماء.

اعتمد المخرج على التشكيل في رؤيته الإخراجية وهو أمر يقدمه ليؤكد وعيه التام بمضمون النص والطرح الذي يتناوله نص يعتمد على الحوار في أغلب مشاهده.

 

صور جمالية

لم ينخدع المخرج بالحوارات التي يتضمنها النص ولم يكن أسير الصور التعبيرية في النص بل حاول تقديم صور جمالية للمشهد المسرحي على خشبة المسرح، صور ربما تؤلم المتابع لكنها توضح المعالم الأساسية للنص المسرحي.

نجح المخرج في كسر حالة الرتابة والملل ليقدم عرضا فرجويا ناجحا، لم يعقه ثبات المشهد الذي اعتمد على ديكور ثابت لم يتغير، واستغل الموسيقى في عرضه ليعزف سيمفونية جميلة.

فهد المذن أحد أهم ابطال العرض المسرحي من خلال السينوغرافيا المتناغمة مع روح النص، وشكل انسجاما واضحا مع رؤية المخرج للنص.

في الحفار استمتعنا بقراءتين جميلتين، الأولى قراءة المخرج هاني النصار الذي فسر النص وفق رؤيته ومنهجه الذي يسير عليه، وأخرى لفهد المذن الذي غاص في أعماق النص وقدم سينوغرافيا متجانسة ومتناغمة.

ولعل الفنان عبدالعزيز النصار الذي أدى دور الحفار هو ثالث عناصر التفوق في هذا العرض الجميل.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles