Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

أدب الطفل .. مرآة لثقافة مرتبكة

$
0
0

المقارن بين أدب الطفل في ثقافات عالمية مختلفة (الغربية منها على وجه الخصوص) وبين ما يمكن أن يندرج تحت هذا الاسم في ثقافتنا، يدرك البون الشاسع بين هذا وذاك.

فما زال أدب الطفل العربي يتأرجح بين الانتاج الفردي غالبا والمؤسسي أحيانا، ولا يجد من الدعم الا القليل، ومازال يفتقر الى المعايير التي تجعل منه «أدبا»، لا مجرد ثقافة ارشادية وإملائية تحمل رسائل مباشرة، ومازال يفتقر الى الدعم العلمي المنظم في تحديد مراحل الطفولة واحتياجاتها وفق ظروف تاريخية متطورة، وأخيرا مازال ـ بوصفه أدباـ يفتقر إلى ثراء الخيال وسعة والثقافة.

هذه الاشكالات طرحتها الندوة التي أقامتها أخيرا رابطة الأدباء الكويتيين، وحاضر فيها الدكتور طارق البكري والقاصة أمل الرندي، وأدارتها الكاتبة حياة الياقوت مديرة دار ناشري للنشر الالكتروني.

تنوعت مجالات العرض في الندوة بين التجربة الخاصة التي قدمتها أمل الرندي من خلال مجموعاتها القصصية، وبين التحليل البحثي الذي قدمه د. طارق البكري.

ولفتت حياة الياقوت في مقدمة الندوة الى أهمية قضية أدب الطفل في المجتمع الكويتي، وهو المجتمع الذي تصل نسبة من تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة فيه إلى %27 من تعداد السكان.

 

جهد فردي

قدمت الرندي عرضا من خلال الشاشة الالكترونية لاحدى قصصها المصورة بالرسوم المتحركة، وأشارت في حديثها إلى بعض الاشكالات المحيطة بالكتابة للطفل، ومنها أن الكاتب، عكس ما يحدث في الكتابة للكبار، عليه أن ينتظر ثمرة ما يكتبه ليس من خلال الاستحسان المباشر، ولكن من خلال تأثر الطفل على المدى البعيد بالسلوكيات والافكار التي يغرسها فيه الكاتب.

كما أشارت إلى اهتمامها بالجانبين العلمي والتربوي في قصصها وعرضهما بصورة مبسطة. كما اهتمت بانعكاس البيئة في هذه القصص. وقد تنوعت قصص مجموعتها، الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية، بين مراحل الطفولة المبكرة والمتوسطة من حيث ما تتعرض له من القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد.

في تعقيبه على تجربة الرندي ثمن د.طارق البكري ما تقوم به من عمل فردي وما استشفه عبر مشاركات عديدة من حماس اتسمت به في العمل الصحفي وأدب الطفل.

 

تجارب ريادية

وتعرض بكري الى ريادة الكويت في مجال الاهتمام بادب الطفل من خلال بعض الوسائط الاعلامية والصفحية، مشيرا، خاصة، الى تجربة مجلة «العربي الصغير».

وأشار بكري الى بعض خصائص ومواصفات أدب الطفل من حيث تمتعه بالسهولة والجمال، وقال إنه قد يختلف في موقفه من أدب الطفل عن وجهة النظر التي تقدمها الرندي حول الهدف التعليمي المباشر من أدب الطفل، حيث يرى أن على هذا الأدب ألا يكون مباشرا في رسالته، وألا يهدف إلى حشد المعلومات على حساب الجانب الفني والامتاعي من القصص.

وتعليقا على الجهد الفردي الذي تقوم به الرندي أشار إلى غياب الدعم المؤسسي، وكذلك دعم رأس المال لهذا الجانب، سواء على مستوى الصحافة المطبوعة أو الاعلام المرئي الذي ما برح معتمدا على ترجمة أعمال أجنبية خاصة بالطفل.

 

تساؤلات

لكن ثمة فكرة أشار اليها د. البكري تستحق النظر، يقول البكري انه كان قد اقترح من قبل إنشاء جامعة متخصصة لدراسات الطفل، ثم عدل عن هذا الرأي لأن الحكمة ليست تخريج طلاب يحفظون بعض المناهج الدراسية. وتطرح هذه العبارة عدة تساؤلات، أولا: هل يمكن أن يتطور أدب للطفل (أو ثقافة بالمعنى العام) دون الرجوع الى تحليل متخصص ودقيق لمراحل النمو والصفات النفسية وطبيعة العلاقة مع المجتمع المحيط، ليصبح أدب الطفل، في غياب هذا التوصيف، مجرد تلقين مستتر لعادات الكبار، وتكريس لوجهات نظرهم الاخلاقية، وإعادة انتاج لثقافة مجتمع بما عليه أحيانا من تناقضات ومغالطات؟

ان نظرة سريعة إلى حجم الاصدارات الاجنبية التي تخص الطفل والمراهق ومقدار تخصصها وتنوعها الى جانب الهزال الفاجع لما تصدره المكتبات ووسائط الاعلام العربية لجدير بالنظر.

ثم هل بتنا قانعين بتوصيف الدراسة الاكاديمية باعتبارها هي الاخرى تلقينا غير مجد، وليست عملا معرفيا منظما ومبدعا أيضا، بحيث نستغني عنه لإقامة أدب لطفل بشكل اجتهادي لا مرجعية علمية له، ولا نماذج ارشادية متطورة يهتدي بها؟

يعكس النقاش حول أدب الطفل، إذاً مقدار العشوائية التي تتسم بها مجالاتنا الثقافية بعامة، معتمدة على المبادرة الفردية، والاجتهاد غير المؤسس على قاعدة علمية وثقافية واسعة. من المنطقي إذن أن يهرع أطفالنا إلى «هاري بوتر»، وألا يكون يكون حديثنا عن أدب الطفل الا تكرارا خجولا لـ «المكتبة الخضراء»!


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles