
سيدتي انا زوجة في الثلاثين من عمري وأم لطفلين، أحدهما في الرابعة والثاني لم يكمل عامه الثاني، جامعية واعمل في وظيفة تربوية. تزوجت ابن عمي قبل ست سنوات، شاب على دين وخلق وزوج مثالي في كل شيء وحياتي مستقرة جدا معه. ستسأليني: ما المشكلة اذن؟
مشكلتي تكمن بداخلي يا سيدتي، فأنا نشأت في اسرة تتكون من أب طيب القلب هادىء الطباع ومسالم جدا، وأم متسلطة قوية الشخصية هي الحاكم والآمر بالمنزل، تفرض سيطرتها على كل من فيه، على والدي المسكين وإخوتي الأربعة وعليّ بالطبع.. وتمكنت من زرع بذور القوة والتسلط بداخلي وبداخل شقيقتي التي تكبرني بأربعة اعوام.
من دون أن أشعر يا سيدتي وجدت نفسي مع بداية حياتي الزوجية أفرض سيطرتي على زوجي واتحكم في حياته وابسط شخصيتي القوية عليه.. فالرأي في كل أمر رأيي أنا وحدي، والكلمة كلمتي، ولا يخطو زوجي أي خطوة إلا بمشورتي وموافقتي. المشكلة يا سيدتي أن والدتي تساعدني على ذلك منذ اليوم الأول لزواجي، توسوس لي بأن أكون الحاكمة الآمرة في المنزل والمتسلطة والممسكة بزمام أمور زوجي حتى لا يهرب الى أمرأة أخرى.
كنت سعيدة لأنني ملكة المنزل التي تأمر فيطيعها الرعية، إلا أنني شعرت منذ أشهر بأن زوجي بدأ ينفر مني برغم طاعته العمياء لي، وأن في داخله تمرداً يريد ان ينطلق بلا حدود. وانا للحق أحب زوجي جدا واخشى من ثورته أو تمرده، وضميري بدأ يؤنبني على ما أفعله به. إنني لست زوجة سيئة، لكنني للأسف أكرر ما كانت تفعله والدتي بوالدي بتشجيع منها، مع انني انسانة جامعية ومثقفة ومتعلمة وموظفة، واسمع كثيرا من القصص عما يدور في الحياة الزوجية، وعن المشاكل والعقبات التي تواجه الأزواج والزوجات، واعلم جيدا ان ما افعله مع زوجي ليس صحيحا لأن الحياة الزوجية تستقر وتستمر بوجود تفاهم وتلاقٍ في الآراء وتستقيم على الحب المتبادل والتضحيات، وان كل من الزوج والزوجة له الدور الذي يكمله الآخر، وانه لا يحق ان تتولى الزوجة عمل الدورين دور الزوج ودور الزوجة.
أقسم لك يا سيدتي انني اعلم كل تلك الحقائق ومؤمنة بها، لكن تصرفاتي تنطلق تجاه زوجي بلا تفكير أو ضبط وهذا ما يزعجني بالفعل.. أحيانا اشعر بانكسار زوجي الداخلي، ومحاولته اخفاء ذلك الانكسار والضعف عني وعن الطفلين، وانه يجاهد نفسه كي لا يخرج البركان الذي بداخله.
بالفعل اخشى ان يكرهني زوجي ويبتعد عني، أو يتعرف على امرأة أخرى يكون عليها السيد، ويمارس معها رجولته التي حرمته منها في بيته معي ومع أولاده. ماذا افعل يا سيدتي وبماذا تنصحينني كيف استعيد زوجي؟ وكيف لي ان أصلح حياتي وأعيد ترتيبها من جديد؟ أريد أن ارى نظرة الرضا والفرح والهدوء في عيني زوجي.. اريد ان اخرج رداء والدتي وشخصيتها المتسلطة.. ماذا أفعل؟
حل المشكلة
آلمتني رسالتك يا ابنتي وتعجبت بالفعل لأن هذه الرسالة مرسلة من امرأة جامعية متعلمة ومثقفة وتعمل في وظيفة تربوية! انها بالفعل كارثة لمعظم هذا الجيل الذي لم يستفد من دراسته وكل ما حصل عليه من علم المفروض أن يكون ذخيرة وثروة يستمد منها ما ينفعه في حياته ومستقبله وفي تعاملاته الحياتية. لكن للأسف العلم بالنسبة للعديد من أبناء هذا الجيل كالوجبات السريعة في حياتهم، وكل شيء سريع يتبخر سريعا.
ابنتي.. الجميل في رسالتك هو احساسك بالذنب تجاه زوجك واعترافك بذلك، وهذا بداية التغيير والإصلاح.. أولا أصمي اذنيك عن وسوسة والدتك واستفتي قلبك في كل تعاملاتك مع زوجك ومع اولادك ومع كل الناس.. طهري قلبك من العنف والتسلط والقوة.. افتحي صفحة جديدة مع زوجك، اقتربي منه بحب وابدئي بمشاركته معك في كل صغيرة وكبيرة تخص حياتكما وطفليكما.. امنحيه مساحة من الحرية وأوكلي اليه بعض المهام بحب ولطف وتفاهم، شاركيه مسؤولية المنزل والأولاد، اظهري حبك وحنانك، وسيعود إليك بالحب وليس بالسيطرة والقوة.