Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

السائرون النيام: كيف دخلت أوروبا الحرب؟

$
0
0

يظل الأمر غريباً ومحيراً ان نجد في عام 2012، وبعد صدور عشرات الآلاف من الكتب والمقالات العلمية خلال القرن الماضي مازال كل شيء يتعلق بنشوب الحرب في عام 1914 يخضع للجدل، فعلى سبيل المثال ليس هنالك اجماع حول من كان يتولى الأمور في ألمانيا، ومن الذي اتخذ قرار الحرب. البعض يقول إنه القيصر، والبعض الآخر قال بيتمان هولويغ مستشاره، بينما قال آخرون انه موليتيكا رئيس هيئة أركان الجيش.

ومنذ الستينات من القرن الماضي انحاز العديد من المؤلفين، ومعظمهم من الألمان إلى الرواية التي تلقي بمعظم اللوم فيما يتعلق بذلك النزاع على عاتق المانيا، التي يقال ان جنرالاتها كانوا يريدون محاربة روسيا قبل انجاز برنامجها للتسلح المقرر حوالي عام 1916.

 

البداية في سراييفو

وفي أعقاب اغتيال الارشيدوق الاسترو - هنغاري فرانز فيردناند في سراييفو في 28 يونيو عام 1914، على يد غافريلو برنسيب، منحت المانيا الامبراطورية الاسترور هنغارية «الضوء الأخضر»، الشهير، حيث اعطت دعماً غير مشروط للجيش النمساوي لاحتلال صربيا، وتحركت روسيا للدفاع عن دولة ابناء جلدتهم السلاف وساندت فرنسا روسيا، وانضمت بريطانيا على مضض إلى جانب فرنسا وروسيا عندما غزت المانيا دولة بلجيكا المحايدة، هكذا جاءت الرواية التقليدية للأحداث.

 

نظرة مختلفة

إلا إنه في السنوات الأخيرة قدم جيل جديد من المؤرخين وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بالجهة التي يمكن القاء اللوم على عاتقها، ونجد المؤرخ نيال فيرغسون يضع المسؤولية الكبرى على عاتق وزير الخارجية البريطاني السير ادوارد غراي الذي اشار الى انه ورط بريطانيا من دون الحصول على موافقة البرلمان في التزامات تفرض عليها الانضمام إلى فرنسا في حرب قارية. ويرى المؤرخ شون ماكميكين ان روسيا كانت عازمة على القتال للسيطرة على مدخل الدردنيل المفضي الى البحر الأسود، او على الاقل إعاقة احتلال ألمانيا له.

أما الآن فإن هذا الكتاب المهم لاستاذ التاريخ الحديث في جامعة كيمبردج كريستوفر كلارك يقدم سلسلة موثقة من الافتراضات حول عام 1914 تستحق نظرة فاحصة، حتى وإن كان يتوقع الا يتم قبولها دون ابداء أي تحفظات.

 

التطلع إلى الحرب

ويرى إنه قول مخادع افتراض ان قتلة فرانز فيردنان تلقوا مساعدة فقط من الجناح الصربي المتمرد بقيادة الكولونيل آبيس رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وليس من ذوي المصالح من الصرب من التيار العام.

كما انه يلقي باللوم على نيكولا باسيتش رئيس الوزراء الصربي لتقاعسه عن تقديم تحذير واضح لفيينا حول المؤامرة المعروفة الهادفة لاغتيال الارشيدوق. وهو يعتقد أن باسيتش الذي غالبا ما يوصف بأنه سياسي معتدل، كان في واقع الأمر يتوق لنشوب الحرب التي ورطت روسيا في دعم طموحات صربيا لتحقيق الوحدة السلافية. كما يرى المؤلف ان الامبراطورية الاسترو ــ هنغارية كانت على حق، أكثر مما يقربه الآخرون، في اصرارها على الثأر العسكري من صربيا، التي كانت في واقع الأمر، دولة مارقة.

 

الأكثر إثارة

وأكثر أجزاء الكتاب إثارة للجدل ذلك الذي يشير الى انه عندما زار رئيس الوزراء الفرنسي بوانكاريه سانت بطرسبيرغ في منتصف شهر يوليو في عام 1914، كان الفرنسيون والروس يعرفون من خلال البرقيات الدبلوماسية التي تم فك شفرتها السرية ان النمساويين يخططون لتوجيه انذار نهائي صارم الى بلغراد وهو ما ظلوا ينفونه دائما بعدها. ويكشف هذا الأمر عن بعد جديد للرد الصارم الذي كانوا ينوون توجيهه الى النمسا في اجتماع لرؤساء الدول حتى وإن أدى ذلك الى نشوب حرب.

 

روسيا تتحرك

كما يشير المؤلف الى ان روسيا شرعت في التحرك العسكري قبل ايام من اتخاذ ألمانيا لأولى خطواتها العسكرية. وكان وزير الخارجية البريطانية السير ادوارد غراي مصمما على دعم القوتين الروسية والفرنسية، وذلك بالرغم من ان الرأي العام الشعبي والسياسي كان يقف بقوة ضد التدخل، وذلك حتى الأيام الأولى من شهر اغسطس.

ولم يكن غراي ورئيس الوزراء البريطاني اسكويث ورئيس القضاء هالدين وقائد القوات البحرية تشرشل يهتمون كثيراً بحياد بلجيكا بالرغم من فائدة هذا الأمر. وكان اهتمامهم الأكبر ينصب على مسألة توازن القوى مهما كانت النتيجة التي قد تتمخض عنها حرب اوروبية عامة. لان بريطانيا اذا ما نأت بنفسها قد يتم تهميشها في القارة.

وقد قدم المؤلف هذه الادعاءات بحجج مقنعة. غير أن الخلل الوحيد فيهما والذي قد يقر به المؤلف هو انها تعتمد بصورة كبيرة بالكامل تقريباً على ادلة ظرفية، فالسلوك الصربي كان طائشاً فعلا، ولكن هل يمكن ادانة امة باكملها جراء اغتيال الارشيدوق؟

 

معطف برنسيب

ولا يذكر المؤلف معطف برنسيب، وهذا امر تفصيلي ولكنه مهم، ظل يثير اهتمامي، فنحن نعرف ان قوات اليد السوداء الصربية سلحت قاتلي فرانز فيردنان بمسدسات وقنابل، ولكن اذا كانت بلغراد تمول مؤامرة جادة وخطرة فلماذا احتاج برنسيب بشدة للمال حتى إنه قبل مغادرته إلى سارييفو رهن معطفه مقابل بضعة دنانير؟

 

أوجه القصور

وأكثر جوانب القصور في الكتاب تركيزه، على ما يبدو على الحجج الجديدة، ويتجاهل بصورة عامة الاخرى القديمة المعتادة التي يجب إلا يتم تجاهلها، حول توق ألمانيا إلى اختلاق مواجهة مع روسيا. كما انه لا يشير إلى العديد من الاقتباسات المعروفة التي تعود إلى زعماء المان حول حتمية الصدام المسلح، ولا يناقش بعض التفاصيل المهمة التي تشير، على سبيل المثال، إلى ان الزعماء الألمان كانوا الوحيدين في أوروبا ممن احتفوا بنشوب الحرب حيث طلب القيصر الشمبانيا.

غير ان المؤلف محق بكل تأكيد في توصله إلى ان نشوب الحرب العظمى كان مأساة أكثر منه جريمة يجب ان تكون المسؤولية عنها مشتركة.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles