ورد في وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لولديه الحسن والحسين (ع) ومن بلغه كتابه، بعدما ضربه عبدالرَّحمن بن ملجم على رأسه: «الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم». هذه الكلمات من الإمام علي (ع) تمثّل الصَّرخة أو الاستغاثة التي يدعو الناس من خلالها إلى أن يكونوا بما يشبه حال الطوارئ فيما يتعلق بالاهتمام بالأيتام: «فلا تغبّوا أفواههم، ومعنى غبّ الأفواه، ألا يشبعوا يوماً ويجوعوا يوماً آخر ولا يضيعوا بحضرتكم»، من النّواحي الصحية والتربوية والاجتماعيّة، بل علينا أن نرعاهم من كل النّواحي، من خلال تخصيص مكان إنساني مميّز لهم في المجتمع، ومن الناحية الاقتصادية، بأنّ نهيئّ لهم فرص العمل والعيش الكريم، فالأيتام أمانة الله عند عباده.
مسؤولية المجتمع
وقد استشهد الإمام علي (ع) في تركيزه على مسألة رعاية اليتيم، لجهة مدّة إعالته والتكفّل به حتى يستغني عن الناس من خلال عمله وجهده وماله، استشهد بحديثٍ عن رسول الله(ص) فقال(ع): «فقد سمعت رسول الله يقول: من عال يتيماً حتى يستغني عنه، أوجب الله له الجنة، كما أوجب لآكل مال اليتيم النار». فالإمام علي(ع) أراد أن يحمّل المجتمع مسؤولية رعاية اليتيم، وأن يشجّعه على ذلك، وهو (ع) يؤكد أن جائزة هذا العمل كبيرة، فأنت عندما تصرف مالك على اليتيم وتؤهله ليكون صالحاً في الدنيا، فإن الله تعالى يعطيك جزاء ذلك الجنة.
وقد تحدث الله تعالى في القرآن الكريم عن الميثاق الذي أخذه على بني إسرائيل في الإحسان إلى اليتيم، بكلِّ أنواع الإحسان فقال سبحانه: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللهَ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ» (البقرة: 83).