
بعد غياب عن الساحة الشعبية، نتوقف قليلا مع الكاتب والشاعر جمال الساير متسائلين عن الاسباب. ولا يخفى على المتابع ان الزميل الساير شاعر شاركنا في ابداعاته وكاتب في هذه الصفحة التي بدأ منها وانتهى اليها في هذه الوقفة السريعة مجيبا عن ظروف غيابه.
● لماذا انقطعت عن الكتابة، ألا تخشى أن ينساك الناس؟
- سيدي أن لا يتذكرك أحد أفضل من أن يذكرك أحد بالإسفاف و«سُـوقْ» القصيد «ماصْلِي» واحترام القارئ أمرٌ واجب على من ينشد احترام القارئ له. والقصيدة يجب أن تكون مبهره للقلب قبل العين والسمع، وهذا لا يتحقق لمن يملك أدوات الشعر فقط، فأبلغ جماليات الشعر هي في المعنى وليس في المبنى فقط. وفي الفترة الماضية ولانشغالي لم يكن لديَّ ما أضيفه، بالإضافة الى أخذ استراحة والتقاط الانفاس. ولم يكن هاجس القصيد غائباً كما تعلم، فالشعر ضيف ثقيل لن تتمكن من التخلص منه وإن رغبت.
هبوط الحوار
● كيف تقيم الساحة الشعبية؟
- ما يحصل في الساحة الشعبية انعكاس لما يحصل في المجتمع، وأنا من المنادين كغيري بضرورة التمسك بالقيم الأدبية الاصيلة، ولو اعتبرنا مجازاً ان القصيدة هي حوار من طرف واحد، فإن هبوط مستوى الحوار أمر شائع اليوم وإن كان مستنكراً، وهذا ما ينعكس جلياً في بعض القصائد المكتوبة والمغناة أيضاً، وأخشى ما أخشاه أن نشهد قريباً انحسار هذا الاستنكار فينهار سَدَّ مأرب الشعر ليغمرنا طوفان الفجاجة وتصبح القصيده نوع من «الردح» والاستعراض، ناهيك عن أن المشكلة الكبرى في الساحة الشعبية هي الجمهور، وأنا لي رأي بهذا الجمهور سبق أن كتبته بمقال في «القبس» عنوانه «محاكمة جمهور» لا أريد أن أعيده كي لا يزعل أحد!
قصائد بلا طعم
● هل تعتقد أن الشاعر الشعبي أدى دوره؟
- إن استثنينا بعض المخضرمين (وليس جميعهم) فالجواب قطعاً لا، وهذا أمر ليس بمستغرب، فَمَنْ مِنَ غير الشعراء أدى دوره، بل قل هل هناك من يعرف دوره أصلاً؟ ولذلك تجد بعض القصائد المنشورة بلا طعم أو لون وبلا موقف أو رأي، وهؤلاء يعتقدون بأن كلمة شعر تعني «كلام.. يا عبد السلام»، أما الشاعر الذي وهبه الله موهبة قول الشعر والقدرة على لفت أنظار الناس وبالتالي مسامعهم، يجب أن يدرك أن عليه مسؤولية أدبية رفيعة للارتقاء والسمو في وجدان الناس ومشاعرهم وليس الهبوط بها الى الحضيض، وإن كان هناك قلة قليلة جداً من الشباب الواعدين الذين يبقون شعلة الأمل متقدة.