Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

أيقونة الإغراء تحترق في ثورات الربيع العربي

$
0
0

عام 2011 كان درامياً في العالم العربي، فانتفضت دول تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بالغضب، قامت ثورات وحروب واشتعلت انتفاضات، وما زالت هذه الدول على سطح صفيح ساخن لم تنضج بعد.

وفي قلب هذا السعير تغير «مزاج» العرب، وتم تسييس الفن والثقافة، فاحترقت أوراق اعتماد نجوم فهبطوا إلى القاع، وارتفعت أسهم آخرين فصعدوا إلى القمة. تلك هي قصص «أيقونات» الفن الذين احترقوا مرغمين أو طامعين بنيران الثورات، ووقعوا في ألاعيب الساسة، وانهاروا أمام إغراء السلطة، فتحولوا إلى ضحايا أو تَذاكوا وصاروا أبطالاً. هذا المزج الساحر بين الشهرة والثروة كيف تفاعل مع نداءات الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية أمام القمع والدكتاتورية؟!

القبس تفتح يومياً ملفات، وتسبر أغوار أشهر الشخصيات الفنية والثقافية العربية التي ارتبطت بشكل من الأشكال مع مستجدات ومتغيرات الربيع العربي، وتحولها من حال إلى حال بين الأمس القريب واليوم الجديد.

في خطابه بمناسبة عيد العمال في الأول من مايو 2009، تحدث الرئيس السابق حسني مبارك ساخراً عن «فشخرة» رجال الأعمال، وإثارتهم للفقراء بأخبار حياة البذخ التي يعيشونها. ما أن انتهى الخطاب حتى كانت مصر كلها تشير إلى أحمد أبو هشيمة رجل الأعمال الشاب، وحفل زواجه قبل أيام من هيفاء وهبي في بيروت، الذي توسعت جريدة الأخبار المصرية في نشر صوره، وقدّرت تكلفته بتسعة ملايين دولار أميركي، وحضره 300 من صفوة رجال الأعمال المصريين والعرب، إضافة الى كبار نجوم الفن على رأسهم عمرو دياب وخالد يوسف.. وبدأت نميمة واسعة حول فقرات الحفل والقبلات الساخنة فيه، والشبكة للعروس التي قيل إنها بـ 10 ملايين دولار.. وكان الجميع ينهي كلامه بكلمتين: «زواج أسطوري».. وكان الإنترنت يشتعل بتعليقات ساخرة مفادها: «الأزمة المالية لا تصيب هيفاء».

العروسان أكدا أن قصة حب طويلة على مدى ثلاث سنوات ربطت بينهما.. لكن الحقيقة أنه كان زاوجا بين الثروة والشهرة، لطالما أثار غضب المصريين في سنوات النظام السابق.. الزوج رجل أعمال شاب رَوج أنه حقق ثروة ضخمة بعصامية وذكاء في القطاع الخاص عبر إمبراطورية الحديد التي كان يسيطر عليها أحمد عز، وهو طموح بكل ما تعني الكلمة.. والزوجة إحدى أيقونات الإغراء في الفن العربي عبر الغناء الموحي بالإثارة، يهتم الجمهور بفساتينها ومعالم جسدها وفتنته اكثر مما يهتم بموهبتها المحدودة وسوء اختياراتها.. وهي تهتم بإخفاء عمرها الحقيقي، وتحجب حياتها الخاصة المثيرة، وتستثمر جمالها الذي يروق للرجال من أجل البقاء في واجهة النجومية، والاستمرار في حياة مرفهة.. كلاهما مغامر لأقصى درجة.. ولكن لأنه أصغر منها في العمر سُمي بزوج الست هيفاء.. ولأنهما من عالمين مختلفين كان من الضروري أن تراقبهما السلطة وتضع حدوداً لجموحهما.. ففي دول العالم الثالث حيث لا قواعد للعبة السياسة يؤمن القادة بأن الشهرة والثروة لابد أن تكونا تحت السيطرة للاستفادة منهما في تدعيم أركان الحكم.

 

مشاهد الغرام

لم يكد ينته المصريون من الاستمتاع بوجبة النميمة على هذا الزواج الأسطوري حتى بدأوا في فرجة فنية ألهبت مشاعرهم، ولمست جراحهم، عبر فيلم «دكان شحاتة» الذي عرض في صيف 2009.. الجميع كان يترقب هذا الفيلم.. أصحاب مفهوم «أن السينما مناظر» كانوا يريدون أن يشبعوا هوايتهم بمشاهد لهيفاء وهبي في فيلم خالد يوسف الجريء الذي لا يخلو عمل له من توابلهم المحببة.. ومن يهتمون بالسينما على أنها قصة وفكرة ونبوءة كانوا في قمة الشغف والإثارة لمشاهدة ما قيل إنه حذف من الفيلم عن نزول الدبابات في النهاية، التي تتوقع أن تسود في مصر حالة من فقدان الأمن والفوضى وثورة جياع.. وكانت اغنية الفيلم «مش باقي مني» لأحمد سعد تحولت الى نشيد في شوارع مصر يرثي قتلى العبّارات والقطارات وطوابير الخبز، وَتَوعدُ الجمهور بفيلم مميز..

هيفاء كانت تنتظر من هذا الفيلم تتويج نجومية مختلفة في الفن السابع، وكانت مستعدة لأن تفعل أي شيء لتنجح، حتى أنها قبلت عدم الغناء في الفيلم، والتمثيل فقط، في دور صعب لفتاة مصرية شعبية تدعى «بيسة»، تُبادل بطل الفيلم الطيب شحاتة العشق لآخر نَفس في حياته.

تَصدّر الفيلم الإيرادات وحققت هيفاء ما تريد.. لكن بقيت مشاهد الغرام بالفيلم مع أبطاله تطارد حياتها الشخصية، بل وتنال من زوجها الشرقي أحمد أبو هشيمة، الذي تساءل البعض: كيف يقبل أن تظهر زوجته في مثل هذه اللقطات؟!

 

صفقة سياسية

لم تتوقف الحياة عند فيلم سينمائي بالنسبة لهيفاء ولزوجها.. فكان عليها أن تدعمه في مجال البيزنس كزوجة، وتسانده بشهرتها في الاحتماء من بطش أحمد عز، إمبراطور الحديد.. وكانت الصفقة الجاهزة في العام التالي أن يتوقف أبو هشيمة عن طموحه السياسي مقابل أن يتحرك في محيط البيزنس بشكل جيد.. قبلها أعلن أبو هشيمة عن دعمه للحزب الوطني، ثم قرر الترشح لانتخابات مجلس الشعب في 2010، لكنه نُصح بألا يفعل ذلك حتى لا تنال المعارضة من حياته الشخصية وزواجه من هيفاء، التي من المؤكد ستؤثر في سمعة الحزب الحاكم.. والمؤكد أن الحظ خَدم هيفاء وزوجها في هذه الفترة، فلو كان خاض الانتخابات التي كانت السبب في احتقان مصر سياسياً لتشتعل الثورة في يناير 2011، لتغيرت مسيرة حياتهما للأبد.

 

الثورة المصرية

كان لافتاً للمقربين من هيفاء وهبي سعادتها الكبيرة بالثورة المصرية.. من اللحظات الأولى كانت تتابع مع الفنانين المقربين من الثورة ما يحدث بالميدان، وأعلنت تأييدها للثوار.. وقتها كان زوجها مهموماً بحسابات رجال الأعمال في المكاسب والخسائر، ونصحها بالبعد عن إظهار مواقفها السياسية، لكنها لم تبال، كانت تقفز أمام الشاشة غضباً أو فرحاً.. بالنهاية كانت يوم تنحي مبارك تحتفل مع كل المصريين بنجاح الثورة.. وأظهرت في كل المناسبات التي ظهرت بها امتنانها لشهداء الثورة.. بل من وقتها راودها حلم الحصول على الجنسية المصرية.

 

فضل جمال مبارك

عقب الثورة سعت لأن تقدم أغنية للثورة المصرية.. ولأسابيع قابلت العديد من الملحنين والشعراء لتسمع أعمالا جديدة، وكان في تَصورها أن تشارك في حفل بميدان التحرير تحتفل فيه مع الثوار في مارس 2011.. لكن بالنهاية نَصحها البعض بعدم القيام بهذا عرفاناً لجمال مبارك الذي لطالما دعمها وزوجها قبل الثورة، والذي كان وقتها لم تتحرك الدعاوى القضائية ضده.. فألغت الفكرة تماماً.. واحتفظت بجملة انها لا تجد أغنية مناسبة لتقدمها بأحاسيس صادقة عن الثورة المصرية.

بشكل عام لم تكن الثورة المصرية فقط أحاسيس جميلة بالنسبة لهيفاء وهبي.. على الصعيد الشخصي توقفت اعمالها الفنية وتأجّل مسلسل كانت وقعته لرمضان قبل الثورة، وتأجل ألبومها الجديد، لكن على الجانب الآخر كانت الثورة تعني نقلة جديدة لزوجها في عالم الأعمال.. فعقب إلقاء القبض على احمد عز إمبراطور الحديد، الذي يسيطر على أكثر من %47 من إنتاج الحديد بالسوق المصري، بدأ نجم زوجها يصعد في عالم الحديد، وبدأت شركاته تنتعش، وأخذت أعماله تتنامى لخارج مصر ومع العديد من الشركاء العرب. ومن وقتها انقلب اللقب من زوج الست هيفاء.. الى لقب معكوس لها بزوجة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة.

 

فضيحة معتصم القذافي

على أن نهاية أكتوبر 2011 كانت أزمة حقيقية لها مع الثورة الليبية، فقد وَقع في أيدي المسلحين الليبيين الذين كانوا يطاردون نظام القذافي من مدينة إلى أخرى مجموعة من الصور والفيديوهات من أحد القصور تخص معتصم القذافي، وسريعاً ما وُضعت هذه الصور على «اليوتيوب» في مقطع مدته دقيقة ونصف الدقيقة.. وفيه يعلق المسلحون على إحدى الصور أنها قبلة ساخنة بين معتصم وهيفاء، وفي أخرى تجلس الى جواره في إحدى الحفلات الخاصة، بالإضافة الى صورة تجمعه مع رزان مغربي.. مع تعليقات «هذه هي الحرية وكان لهم حق يتمسكون بالسلطة».

وعلى الفور بدأ نشطاء من ليبيا ومصر وتونس والعديد من الدول العربية يتابعون هذه الصور بتعليقات ساخرة تدين هيفاء وعلاقتها بأبناء حكام البلاد التي قامت فيها ثورات.. وبدأ آخرون يفتشون في حياتها عن القصص القديمة، فراج مقطع فيديو قيل إنه يصورها عارية في أحد محلات الملابس، صوّره صاحب المحل لها خلسة وهي تستبدل ملابسها. وروج آخرون لوثيقة لبنانية أثناء عملها كموديل في أغاني الفيديو كليب تشير الى أن الأمن اللبناني ألقى القبض عليها عام 1999 بسبب ممارستها لأفعال غير أخلاقية.

كل ذلك كان بمنزلة ضربة لها لا يعرف أحد هل هي مخطط لها، أم أنها كرة ثلج تدحرجت فكبرت من دون تدخل؟!

على الفور أكدت هيفاء ان المرأة الموجودة في الصورة ليست هي، نافية كل ما يشاع عن هذا الموضوع، فقالت: «هيدي مش أنا اللي بالصورة، مش اذا واحد بالفيديو قال هيدي هيفاء يعني صارت هيفاء.. كلّن شعرُن أسود».. كما اعتبرت ما تردد حول تصويرها عارية داخل غرفة خلع الملابس في أحد المحلات التجارية المعروفة التي تتردد عليها انه إشاعة من ضمن الإشاعات الكثيرة التي تلاحقها منذ احترافها الغناء.

تلت ذلك إشاعات عن خلافات زوجية بينها وبين أبو هشيمة، لكنها نفتها بالظهور المكثف معه في العديد من المناسبات العامة.. ولعدة أشهر تالية انشغلت بعيداً عن الأضواء بحياتها الخاصة، كأنها تعيد ترتيب حساباتها.

 

الثورة السورية

مع سخونة الأحداث وسقوط القتلى والجرحى في حمص بسوريا في أغسطس 2012، دعت هيفاء وهبي إلى وقف العنف والدم، وكتبت على حسابها الخاص عبر «تويتر»: «اللهم أغث أهل سوريا، مجازر في حمص، أموات وجرحى، شباب وأطفال، بيكفي دم وعنف، الله يرحمهم».. كلام هيفاء الذي يعتبر الأول لها عن الأحداث السورية، أثار جدلاً على «الفيس بوك»، خصوصاً في بعض الصفحات المؤيدة للنظام السوري.. وبينما رحّب العديد من النشطاء بكلامها، اعتبر آخرون أنّ الثورة السورية «لا ينقصها سوى هيفا»، وأن كلامها «لا يسمن ولا يغني من جوع».. غير أن آخرين عارضوا كلامها واعتبروه معارضةً للنظام السوري. وهنا راحوا يذكرونها بانطلاقتها من سوريا، وكيف بدأت من خلال تقديم الإعلانات السورية.. وكيف احتفى بها «مهرجان دمشق السينمائي» بدورته الأخيرة، وكيف دخلت نجمةً كبيرة على أهم وأكبر حدث فني تنظمه الحكومة السورية، متسائلين «كيف لها أن تقول ما قالته؟».

 

تهديدات حجازي

بعيداً عن الثورة السورية كانت في التوقيت نفسه تخوض معركة شرسة مع أحد رموز الإسلام السياسي المقرب لجماعة الإخوان المسلمين صفوت حجازي، الذي وجّه لها خلال ظهوره مع الإعلامي طوني خليفة في برنامج «زمن الإخوان» على فضائية القاهرة والناس دعوة لأن تتوب عن التعري وإظهار مفاتن جسدها، قائلاً لها بلهجة تهديد: «على هيفاء أن تعيد حساباتها إذا أرادت أن تستمر إقامتها في مصر الفترة المقبلة».. فردت عليه هيفاء بقسوة بأنه ليس إخوانياً ولا يتولى أي منصب سياسي أو ديني حتى يخاطب الناس بهذه الطريقة.

وقالت هيفاء لنيشان خلال برنامجه «أنا والعسل» على فضائية الحياة «أنا محترمة غصب عنه، وأنا لست الوحيدة الموجودة في التلفزيون، ليه واخد باله مني أنا بالذات».

على أن هيفاء في إطار كلامها مع نيشان كشفت أن زوجها محمد أبو هشيمة ليس له علاقة بالسياسة، وأن له علاقات طيبة بأفراد النظام في مصر، وكان مرسي وقتها تولى حكم مصر، مشيرة إلى علاقته بالإخوان المسلمين.

 

طلاق بأوامر الجماعة

جماعة الإخوان المسلمين ستلعب دوراً تالياً في إضفاء سحابة قاتمة على انفصالها عن أبو هشيمة بعده بخمسة أشهر.. ففجأة تم الإعلان عن انفصالهما لتنتشر معلومات مؤكدة من أكثر من مصدر أن الإخوان المسلمين ربطوا علاقة البيزنس بينهم وبين أبو هشيمة عبر حسن مالك بأن ينفصل عن هيفاء، وكشفت جريدة روز اليوسف أن جماعة الإخوان تكفلت بدفع الـ30 مليون دولار مؤخر هيفاء.. وأكدت جريدة المصريون المقربة من جماعات الإسلام السياسي عن لقاء طويل جمع أبوهشيمة ومالك، اتفقا فيه على تفاصيل طلاق هيفاء.. بينما أكدت مصادر رفيعة مقربة من الرئاسة في جلسات خاصة أن الرئيس محمد مرسي بنفسه هو الذي طلب إنهاء هذه الزيجة.. هنا اندفعت هيفاء لتكذيب علاقة الإخوان بالطلاق، والأمر نفسه فعله أبو هشيمة.. وبعيداً عن من وقف وراء طلاقهما انتهت قصتهما معاً لتتفرغ هيفاء لفنها، بعيداً عن حرائق ثورات الربيع العربي في مصر وسوريا وليبيا!


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles