
يبدو أنّ غرق بعض الدراما السورية والمصرية في الواقع الصعب الذي تعيشه سوريا ومصر منذ أكثر من عامين، قد يكون له أثر كبير في نسبة المشاهدين، الذين قد لا يستسيغون فكرة نقل نشرات الأخبار المأساوية إلى أعمال درامية.
هذا الرأي عبّر عنه الممثل السوري الغائب عن الدراما هذا العام فراس ابراهيم، فكتب على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك رسالة جاء فيها «أثمّن عالياً التحدي الذي خاضه الدراميون السوريون ومخاطرتهم بحياتهم في معظم الأحيان لإبقاء دراماهم ووطنهم في الصدارة، لكنني أعتب عليهم عتب المحب لنقلهم بشاعة ما يحدث علی أرض الوطن بكل تفاصيله، الأمر الذي أجبر المواطن السوري علی أن يعيش هذه التجربة المريرة واقعا وتمثيلاً».
ضياع الإنجازات
ردة فعل فراس ابراهيم عكستها ردود فعل الجمهور العربي، الذي بدا ومع بدء عرض الحلقات الأولى للمسلسلات الدرامية السورية، في موضع القلق من أن تضيع الإنجازات التي حققتها الدراما السورية منذ سنوات، في دوامة الأحداث المأساوية، الأمر الذي قد لا يجد جمهوراً واسعاً في عالم عربي تحاصره النشرات الإخبارية الدموية منذ أكثر من سنتين.
ردود الفعل عكستها مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً، خصوصاً في لبنان البلد الأقرب إلى الأزمة السورية، والذي يئن تحت عبء استقبال أكثر من مليون نازح سوري، باتوا يشكلون ربع سكان لبنان.
فبحسب الإحصاءات لنسبة مشاهدة البرامج التلفزيونية في الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك، تبيّن أن مسلسل «لعبة الموت» للفنانين سيرين عبد النور وعابد فهد وماجد المصري، يحتل المركز الأوّل في نسبة المشاهدين، رغما عن أنه مقتبس عن فيلم أجنبي، ونهايته معروفة سلفاً.
فالمسلسل يناقش حتى الآن مسألة العنف الأسري، وتداعياتها على حياة الزوجين، وهو بالتالي غير مرتبط بزمان ومكان معينين، ولم تكن ريم حنا كاتبة السيناريو بنسخته العربية، بحاجة إلا إلى تغيير أسماء الأبطال والمكان الذي تدور فيه القصة، دون أن يبدو المسلسل كأنه لا ينتمي إلى الواقع.
معارضة ونظام
على الجانب الآخر، يبدو المسلسل السوري الذي يعالج وبصورة مباشرة تداعيات الأزمة السورية «سنعود بعد قليل»، أكبر مثال عن الحرب التي احتلت دراما هذا العام وبشكل فج.
ولأن صناع العمل أرادوه انعكاساً حقيقياً لما يدور في سوريا، فقد صوّر لنا المسلسل الذي يلعب دور البطولة فيه الفنان دريد لحام ونخبة من نجوم سوريا ولبنان، جانبي المعارضة والنظام بصورة فجة تسمح للممثلة أن تلقي تساؤلات من عيار «أنت مع النظام أو مع الشعب»، لكنها في كل الحالات لا تجد إجابة ليغرق المسلسل ومشاهدوه في دوامة من الكآبة لن تنتهي بنهاية مسلسل يرصد معاناة شعب بدأت منذ سنتين ونصف السنة ولن تنتهي بانتهاء حلقات المسلسل.
فهل يجوز اختصار سوريا بالسنتين الأخيرتين لتتحوّل الدراما إلى ما يشبه نشرات الأخبار الدموية؟ وهل يُجدِ القفز فوق الحرب والخروج بدراما لا تشبه الواقع؟ في الحالتين يبدو التحدّي أمام صنّاع الدراما السوريّة كبيراً لتقديم دراما يشاهدها العالم العربي دون أن يغرق في أوحال الحرب السورية.