
«نذيع عليكم أول قصة وصلتنا من الكويت، وهي من فاضل خلف وإن كانت أول قصة وصلتنا، إلا أنها استوفت جميع الشروط»...
هكذا يتذكر الأديب فاضل خلف نص ما قالته الإذاعة البريطانية، الــ«بي بي سي»، لحظة اعلانها فوز قصته «سكون الليل» عام 1948. ترى ما هي تفاصيل القصة؟ ولماذا لا تحاول الكويت استعادة المادة الإذاعية لأول قصة كويتية تفوز بمسابقة دولية وتقرأ عبر الأثير؟
عندما نتصفح ما كُتب عن القصة في الكويت نصادف كثيرا من عناوين قصص فاضل خلف تتكرر عند الكّتاب، ولكن قلَّما نجد من يتخذ من هذه القصص موضوعا للدرس والنقد، كما فعل الدكتور سليمان الشطي عندما بادر إلى تناول مجموعة «أحلام الشباب»، فكتب عنها في مجلة الأديب اللبنانية، وما ذكره الدكتور محمد حسن عبدالله عن هذه المجموعة القصصية في كتابه «الحركة الأدبية والفكرية في الكويت» 1973.
في عام 1982 عَمد المؤرخ خالد سعود الزيد إلى إعادة نشر مجموعة «أحلام الشباب» في الجزء الثالث من كتابه «أدباء الكويت في قرنين»، بعد أن باتت نافذة ولا يوجد نسخة منها حتى عند مؤلفها، وبذلك أصبحت هذه المجموعة التي نشرها فاضل خلف في الصحافة خلال الأربعينات، وطبعت أول مرة عام 1957، في متناول القراء والنقاد. ومن قصص هذه المجموعة قصة «سكون الليل» ولهذه القصة أكثر من حكاية.
الحكاية الأولى
نحن في عام 1948، أي أننا قبل قيام الثورة في مصر، وقبل توجه المستمع العربي الى «صوت العرب». أجواء الحرب العالمية الثانية والاعلام الموجه جذب المستمع العربي الى اذاعة لندن، التي يصل بثها القوي واضحا إلى الكويت ودقات ساعة «بيغ بن» تحاول أن تخطف صوت المذيع، وهو يعلن عن مسابقة في القصة.
تسرد إذاعة لندن الشروط، التي يدونها الشاب فاضل خلف ويكتب ملاحظاته: «نرجو من مستمعينا الكرام موافاتنا بقصة من 500 كلمة لموضوع طريف». يطرق الشاب مفكرا بعد أن استوعب أنهم لا يرغبون بتراجيديا، إنما قصة لطيفة، خفيفة مفرحة بلا مآسٍ، وسريعا يبدأ بالكتابة وخلال يومين ينجز فاضل خلف النص ملتزما بكل الشروط المعلنة، ثم يرسل القصة إلى إذاعة لندن.
قصص على الهواء
مرت ثلاثة أسابيع ونيف قبل أن تبث الإذاعة الاجابات الصحيحة ويقول المذيع: «نذيع لكم أول قصة وصلتنا من الكويت، وهي من فاضل خلف، وهي وإن كانت أول قصة وصلتنا، فإنها استوفت جميع الشروط».
اليوم ونحن في عام 2013 نعرف أن الكويت ممثلة بمجلة «العربي» تتعاون مع إذاعة الــ«بي بي سي»، وتنشر شهريا في موقعها الالكتروني وفي النسخة الورقية في باب «قصص على الهواء» النصوص المشاركة في مسابقة إذاعة بي بي سي العربية، مما يعني أن السبل متاحة للتواصل مع هيئة الإذاعة البريطانية للتفاوض حول المادة الأرشيفية الخاصة بقصة «سكون الليل»، خاصة وأن إذاعة لندن العريقة معروفة بأرشيفها، وقد يكون بالإمكان اعادة بث تلك القصة ومعها مشاركات أخرى لفاضل خلف، الذي ساهم لاحقا في الإذاعة البريطانية، عندما كان طالبا في بريطانيا عام 1957، فنخرج بذلك من إطار الدروع الخشبية وحفلات التكريم، ولتكون تلك طريقتنا المبتكرة في تكريم الأديب وتعريف الجمهور بكتاباته وابداعاته.