
انها فكرة غريبة أن نهتم بالأثرياء ويومياتهم والعالم يعيش اوقاتا عصيبة بسبب الأزمة المالية؟
غير أن عالم الأثرياء، لطالما اجتذب اهتمام العامة، فنراهم يتابعون أخبارهم وفضائحهم ولعلهم أحيانا يعرفون ثرواتهم أكثر من الأثرياء أنفسهم. سنتابع على حلقات، كيف يعيش هؤلاء القلة النادرة في الكوكب، كيف يحبون ويتزوجون، كم من المبالغ يهدرون لاقتناء ما تعرضه المزادات، ما الذي يشغلهم وما هي طباعهم وتصرفاتهم، الغريب منها والمثير، ولابد وقتها، سندرك تأثير المال في الانسان، وقدرته على التوازن مع العالم الخارجي.
وقع الملياردير الروسي ميخاييل بروخوف الذي يرأس اليوم شركة اونيكسيك في فخ شبكة دعارة، حيث وضع بتاريخ 9 يناير 2007 تحت الرقابة القضائية، وكان حينها يشغل منصب الرئيس المدير العام لشركة نوريلش نيكل.
اشتبه القضاء الفرنسي بلجوء الثري الروسي إلى خدمات شبكة دعارة، فتم استدعاؤه في كورشفيل حيث كان العديد من الأثرياء يحتفلون بأعياد الميلاد وفق الكنيسة الأرثوذكسية والعام الجديد الروسي. لقد اقتحم أكثر من 50 شرطيا المكان وتم توقيف 26 شخصا من البنات ورجال الأعمال في إطار التحقيق.
تم الاستماع إلى ميخاييل (41 عاما وأعزب) في ليون من قبل قاضي التحقيق بعد أن فتح تحقيقا في القضية، ثم أطلق سراحه.
وبعد جلسة الاستماع، قال وكيل الجمهورية في محكمة ليون غزافييه ريشو لـ «رويترز» بأنه حقق مع ستة أشخاص كشهود، ووفق الوكالة، يتعلق الأمر بميخاييل بروخوروف ومدير أعماله وسيدتين موظفتين في شركته ومدير وكالة أسفار. لم يجد أفراد الشرطة أي أدلة ضد الفتاتين، وأضاف القاضي «لقد اعترفت الفتاتان بأنهما على علاقة مع مقربين من الميلياردير».
مدينة كورشفيل، مدينة يفضلها رجال الأعمال الروس، الذين يتوافدون عليها وفق أفراد الشرطة، لتوقيع عقود في جو احتفالي.
ويستقطب منتجع كورشفيل بفنادقه الستة ومطاعمه السبعة الأثرياء الروس، الذين يعشقون الفخامة، ووفق «رويترز»، فان المحققين تلقوا إنذارا حول وصول مجموعة من الفتيات إلى المنتجع قادمات من موسكو ويدعين بأنهن طالبات جامعيات او عارضات ازياء.
اعترفت الفتيات الشابات بالحصول على أطقم مجوهرات وقطع مجوهرات أخرى، بالإضافة إلى ساعة تصل قيمتها إلى 300 ألف يورو، فيما اعترف ميخاييل بروخوروف بأنه سلم الفتيات مجموعة من الهدايا.
وبعد أربعة أشهر من الحادثة، أودعت فتاتان من المجموعة شكوى لدى قاضي التحقيق ضد أفراد الشرطة موضوعها الحجز التعسفي.
محامي الشاكيتين، وهما طالبة في علم البيئة وسكرتيرة، قال إن موكلتيه يعتبران ان افراد الشرطة اساؤوا التعامل معهما من دون أي دليل قانوني.. «لا يمكن أن توجه لهما أي تهمة.. لان الشرطة ألقت القبض عليهما وهما نائمتان».
اعتذار باريس
اعترف الثري الروسي ميخاييل بروخوروف، في بيان صحفي بعد مضي بضعة أشهر على الحادثة، بأخطائه، وقال ان الملف أغلق فيما لم تتقدم التحقيقات إطلاقا ما سبب له مشاكل كبيرة، واثر في سمعته في روسيا خاصة، غير أن القضاء الفرنسي أنصفه فيما بعد، وقدمت له باريس اعتذاراتها خلال رحلة رافق فيها الوزير الاول فلاديمير بوتين الى فرنسا. «لقد قدموا لي اعتذارا على ما حصل في يناير 2007 .انتهت القضية».
من جهة أخرى، قالت الصحف الروسية الصادرة في مايو 2009، ان رومان ابراموفيتش خسر يختا بقيمة 500 ألف دولار في لعبة قمار، وهو ما كذبه الناطق الرسمي باسمه.. لكن اليومية الأكثر شعبية في روسيا «موسكوفسكي كومسوموليت» أكدت أن الميلياردير خسر اليخت خلال مشاركته في لعبة ورق في برشلونة، حيث تابع مباراة كرة قدم بين برشلونة وناديه تشلسي.
اليخوت
يقع ميناء الانتيب بين نيس وكان، هو ميناء يديره النادي الدولي لليخوت، الذي يعتبر واحدا من اكبر النوادي المغلقة في العالم. وهو أول ناد يؤسس رصيفا للأثرياء في العالم.
وأول من شارك في تمويل هذا الرصيف عام 1984 هو رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي، الذي كان يقيم بين كاليفورنيا وكان، وصاحب ميدالية مواطن الشرف لمدينة انتيب.
كان خاشقجي يملك سابقا يختا أطلق عليه اسم ابنته «نبيلة». يبلغ طول اليخت 86 مترا، ومجهز بمنصة لنزول المروحيات وناد ليلي وجناح للعمليات الجراحية مجهز باحدث الأجهزة، لكن خاشقجي باعه في ثمانينات القرن الماضي لدونالد ترامب مقابل 48 مليون دولار.
ويرسو منذ عام 1986 في هذا الميناء، عدد كبير من يخوت الأمراء والأثرياء، مثلما هي الحال بالنسبة لميناء فوبان، الذي كان شاهدا على سقوط الملياردير الاسترالي الان بوند. هذا الاسترالي الانكليزي الأصل، جمع ثروته في استراليا، حيث بنى إمبراطورية مالية مختصة في العقار ومعدن النيكل والخمر، وأيضا في قطاع الإعلام المرئي والمسموع وفي السياحة.
اضطر الان بوند، مثله مثل خاشقجي ودونالد ترامب، الى بيع كل يخوته بعد انهيار البورصة عام 1987.
ذكريات على متن «نبيلة»
حيا جويل برنار في مقال كتبه بتاريخ 28 يناير 1991 في يومية «نيس ماتان» عودة عدد من اليخوت إلى لاكوت دازور، من بينها يخت «نبيلة» الذي تحولت تسميته إلى «ترامب برانسيس».
يتذكر مفتش في المخابرات الفرنسية الأيام الثلاثة التي قضاها على متن «نبيلة» في عرض البحر لضمان أمن الرئيس موبوتو الذي استأجره «هناك موظف، عمله الوحيد هو تغيير أشرطة الفيديو فقط، كان يقوم بذلك طوال اليوم، وهذا اليخت الأول يجهز بتجهيزات أوتوماتيكية، كما ان ستائره تغلق لوحدها.. المصابيح تنير وتنطفئ اتوماتيكيا.. كان هذا اليخث ثورة في تلك الفترة». لكن بعد بضعة أشهر من عودة اليخت «نبيلة» سابقا، وقع مالكه دونالد ترامب ضحية سوء حظ في مجموعة من الكازينوهات التي يملكها في الولايات المتحدة، ما اجبره على بيع شركته للطيران، كما كان مجبرا على الانفصال عن «أميرته» التي عرضت للبيع.
كيف تصبح ثرياً؟
غير أن دونالد الذي يعتبر ممثلا للحلم الأميركي، عاد إلى الواجهة عام 2005 من خلال كتابه «كيف تصبح ثريا»؟
نصح دونالد القراء بان يكونوا مفاوضين جيدين، وبالاستغلال الجيد للأملاك وتعلم فن الحوار. وتطرق الى العديد من المواضيع من دون أي عقدة، كما عرض وصفات سحرية قال انها تمكن الواحد من بلوغ هدفه ويصبح ثريا.
يحتل دونالد اليوم المرتبة 450 في تصنيف فوربس بثروة تقدر بـ1.6 مليار دولار.
الوليد بن طلال
أصبح اليخت اليوم ملكا للأمير السعودي الوليد بن طلال الذي أطلق عليه اسم kingdom5KR (وهو اسم مستوحى من شركة المملكة القابضة التي يملكها متبوعا برقم 5 الذي يتفاءل به، والحرفين الأولين من اسمي ولده وابنته)، وعلاوة على ملكيته لقصر يتكون من 317 غرفة، يملك الأمير الوليد طائرتي بوينغ 747 وايرباص أ340 ومجموعة من السيارات، من بينها رولز رويس فانتوم.
يتخذ الوليد بن طلال قراراته بشأن صفقاته الشخصية على متن هذا اليخت في عرض مياه كان الفرنسية.
ويقول صحافي يومية «نيس ماتان»، جان بيير لارجيلي بان الوليد بن طلال وقع على متن هذا اليخت أفضل العقود، من بينها شراء حصص في يوروديزني، وشراء فندق جورج الخامس في باريس، أو سلسلة فور سيزنس، ويبدو أن النائب ورئيس بلدية كان برنار بروشو أصبح من المترددين على يخت «المملكة» منذ أن قلد الأمير الوليد بن طلال وسام مواطن الشرف لمدينة كان في السادس والعشرين من أغسطس 2002.
في ميناء هركول
وعلى بعد بضعة أميال فقط، نجد ميناء هركول في موناكو الذي ترسو على أرصفته الكثير من اليخوت الفخمة، التي تعرض مفاتنها باستمرار على طول البحر الأبيض المتوسط.
كان مالك يخت «برنسس تانيا» القبرصي اندرياس ليفيراس، الذي توفي عام 2008 في أحداث بومباي، يستضيف في بداية تسعينات القرن الماضي الملوك والأمراء وارستقراطيي العالم على ظهر يخته، وكان يقترح عليهم جولات بحرية في يخت مزود بتسعة أجنحة أميرية تحتوي على حمامات بجاكوزي.
وفي عرض مياه المتوسط أيضا، كان الميلياردير ابراهام فان لوين ينظم حفلاته التي لا تنسى على متن يخته «نيو اوريزون ال». انه يخت يتكون من خمسة طوابق على طول 60 مترا، ديكوراته من الذهب والرخام الفاخر المستورد من كوريا الجنوبية، لقد اختار هذا الملياردير أغلى وأندر الأقمشة والديكورات والأثاث لتزيين هذا القصر العائم.
تقول الصحافية سيسيل ريبولي التي زارت اليخت في تحقيق صحفي نشر في يومية «فان ماتان» بتاريخ 22 يوليو 1992 «توجد أعلى اليخت منصة لهبوط المروحيات، بالإضافة الى ثلاثة أجنحة مخصصة للضيوف وجناح صيني، كل ما يوجد في هذا الجناح أصلي، فالصابون من الصين، والعطر كذلك، وروب الحمام وكل شيء واما الجناح الياباني فكله من اليابان». وتضيف الصحافية في حديثها عن اليخت «توجد ثلاثة في كل غرفة من غرف اليخت وقبل حضور المدعوين، يحرص جاك وهو كبير الخدم السيلانيين الذين يبلغ عددهم 12، على معرفة أذواق المدعوين وعلى تجهيز الثلاجات بكل ما يحبون.
يقول الميلياردير بعد منتصف الليل لا حاجة لي إلى الخدم «خدمي بحاجة الى النوم».. يسهر ابراهام على راحة مستخدميه، مثلما يسهر الأب على اولاده.
لكن ماذا عن غرفة هذا الثري، حتى تلج إليها يجب أن تدفع بابا حديديا يزن أكثر من 300 كلغ، واما النوافذ فهي نوافذ مضادة للرصاص، وفي الخزانة مائة ربطة عنق جاهزة للاستعمال، لكن الذي يثير الدهشة والإعجاب هو حمام ابراهام، فهو بالكامل من اللازورد.
يحتوي هذا اليخت على مطبخين وثلاثة مطاعم وقاعة أكل راقية جدا، من دون الحديث عن التحف الفنية التي تزين الجدران والأروقة والصالة ومكتبه المجهز بهاتف من الذهب الخالص.
توفي هذا الملياردير وبيع يخته لملياردير اخر هو احد رواد قطاع الاتصالات المتنقلة في أميركا. يعرف باسم وايت كلود.
نمو في قطاع اليخوت
ان أثرياء الساحل لا يعرفون أبدا الأزمة المالية، سواء كانوا فوق الماء أو فوق الأرض، فقطاع اليخوت عرف ما بين عامي 1997 و2008 نموا بنسبة %400 فيما يخص مجال الإنتاج، واكبر دليل على هذا النمو معرض موناكو التاسع عشر لليخوت الذي استضاف في سبتمبر 2009، أكثر من 500 عارض جاؤوا من 40 دولة لعرض مئات اليخوت التي يزيد طولها على 25 مترا.
من بين اليخوت المعروضة، كانت هناك يخوت نادرة وفريدة من نوعها يزيد سعرها على الملياري يورو.
قطاع انتاج اليخوت في ازدهار كبير، وعلي ان اذكر هنا ان شركة مثل شركة كامبرس اند نيكولسون، وهي واحدة من كبار الرواد العالميين في سوق اليخوت الكبيرة، تصرف أكثر من 700 الف يورو للمشاركة في صالون اليخوت، الذي لا تزيد مدته على اربعة ايام وهذه الميزانية مخصصة لاستقدام اليخوت واما الباقي فللمضيفات وإيجار الأجنحة في المعرض.
ويقول مدير هذه الشركة بان العمل في هذا القطاع عرف تباطؤا خلال عام 2009 خاصة في الولايات المتحدة، لكن التباطؤ هذا لم يمس سوق اليخوت الكبرى.
يخوت قيد الإنجاز
وفق جريدة لوفيغارو، رغم الأزمة المالية التي عصفت بالعالم ما بين عامي 2008 و2009 فان اربعة يخوت يزيد طولها على 100 متر تسلمها أصحابها او هي قيد الانجاز، واما من طلبها فهم في الأغلبية من الأثرياء الروس.
ففي بداية عام 2009 طلب الثري الروسي بوريس بوريزوفسكي شراء يخت يدعى بروجاكت داريوس، لكنه غيّر رأيه ليباع اليخت العام الماضي الى ملياردير عربي.
ويبدو أن سوق اليخوت في احلي ايامه، وساحل لاكوت دازور اكبر دليل على ذلك، حيث نرى اكبر اليخوت وأجملها واطولها، وتشير دراسة أنجزتها الغرفة الجهوية للتجارة في فرنسا إلى أن اليخوت تجلب 728 مليون يورو للمؤسسات والجماعات المحلية، أي ما يعادل ثلث الأرباح التي تدرها القوارب كلها.
وتشتد الحركة في الساحل الفرنسي عشية مهرجان كان، فترى «لو رايزينغ سان» الذي يصل طوله إلى 138 مترا، اما ثمنه فيصل إلى 377 مليون دولار. هو ملك للملياردير لاري ايليسون الرئيس والمدير العام لاوراكل، بالاضافة الى يخت اناستازيا (75.50) الذي يملكه الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان سابقا شريك ميخاييل بروخوروف في شركة نوريلش نيكل.
(انتهى)