تلقي الأزمة التي تعصف بسوريا بظلالها على مجريات أحداث المسلسل الاجتماعي المعاصر الجديد «حائرات»، حيث نتابع تداعيات الأزمة وانعكاسها السلبي على الناس من وجهة النظر الاجتماعية الإنسانية، كما يتناول العمل حكاية مجموعة من النساء المختلفات من حيث العمر والأوضاع الاجتماعية، فلكل منهن قصتها وهمومها وأحلامها وحيرتها التي تعيشها، ويتم رصد تأثير عدد من الموضوعات الشائكة على حياتهن كالعنوسة والطلاق والهجران الزوجي والرغبة في الانجاب والعنف الجنسي والخيانة والمشكلات القانونية المتعلقة بحضانة الأطفال، ومشكلات الشباب وانحرافهم.
تلك هي المفاصل الأساسية لمسلسل «حائرات» الذي تجري عمليات تصويره حالياً في دمشق، وهو من إخراج سمير حسين، تأليف أسامة كوكش، بطولة عدد كبير من نجوم الدراما السورية، منهم: رشيد عساف، أسعد فضة، سوزان نجم الدين، مصطفى الخاني، نادين خوري، فاديا خطاب، جهاد سعد، فايز قزق، جيانا عيد، مرح جبر.. وغيرهم.
لإلقاء المزيد من الأضواء على المسلسل، كانت لنا هذه اللقاءات مع مخرجه وعدد من أبطاله. والبداية كانت مع المخرج سمير حسين:
● في وقت بات يخشى فيه المبدع رقابة المجتمع أكثر مما يخشى رقابة الرقيب، كيف سيأتي تعاملك مع موضوعات تلامس الخطوط الحمراء مثل انحراف الشباب، الهجران الزوجي، العنف الجنسي؟
- يضم العمل عناوين مهمة جداً، وسيأتي أسلوب طرحها بمنتهى الواقعية والاحترام لبنية مجتمعنا والعائلة، فلن تجد شتيمة واحدة في العمل، لا بل سيكون دافئاً للغاية، ويقدم شرائح متنوعة من مجتمعنا السوري.
● إلى أي مدى ستكون الجرعة الإنسانية حاضرة مؤثرة وفاعلة في العمل؟
- الجرعة الإنسانية حاضرة بقوة، حيث ستجد هنا نساء حائرات وما يحيط بهن من أهل وأقرباء وأصدقاء يتمتعون بجرعة إنسانية هائلة، لأن هذا ما نحتاجه، وهو حالة التطهير الداخلي، أي كم نحن قادرون على رؤية الجمال الذي بداخلنا وبذور الخير في مجتمعنا، وكم نحن بحاجة لأن نعيد النظر في الكثير من تفاصيل حياتنا وترميم ذاتنا بكثافة وبسرعة كبيرة، وإلا فهناك ما هو خطر ومؤلم يحدث ضمن حياتنا الاجتماعية.
عالم المرأة
● كيف تم الغوص في عوالم المرأة وأحاسيسها على الرغم من أن كلا من الكاتب والمخرج ذكر؟
- يمكنني القول اننا نقدم مسلسلاً عن المرأة من وجهة نظر الرجل، وبالعموم ما نقدمه نظرة ليست ذكورية وإنما نابعة من عمق واقع المرأة، وقد تأتي كاتبة وتقدم عالم الرجل عبر عمل حقيقي جداً.
● كيف يمكن ترجمة عنوان المسلسل على أرض الواقع؟
- «حائرات» عنوان مؤقت للعمل، ولكن ضمن الأزمة التي نعيشها حالياً هناك حيرة كبيرة، لا بل حتى في مجتمع مستقر ستجد أن الحيرة قائمة، فما بالك بنساء يتحركن ضمن ظروف الأزمة الحالية؟ كم سيرتفع مستوى الحيرة، وكم سيكون ثمن البحث عن هدف صعباً؟
● عنوان العمل يدفعني للاعتقاد أن نهايته ستكون مفتوحة؟
- بالطبع ستكون نهاية مفتوحة لأننا لا نملك الدواء، فالحائرة ليست من تفتش عن وظيفة أو عريس فقط، وإنما نرصد تلك الحائرة عبر تركيبتها النفسية ضمن الأزمة والمخاض الذي نعيش فيه وانعكاس ذلك على أسرتها.
الغث والسمين
● الخوف اليوم أن تكون الأزمة مطية لأعمال تأخذ ما يحدث في سوريا عنوانا عريضا لها، فتقدم أعمالا كيفما اتفق.. فكيف يمكن تفنيد الغث من السمين، السطحي من العميق؟
- هذا يعتمد على المادة المكتوبة وعلى كثافة الإنتاج، فحتى الآن لم يظهر عمل درامي من تجليات الأزمة، في حين أن عملي سيكون من تجلياتها من دون التطرق للمواقف السياسية، فنحن الفنانين نطرح الوضع كما هو وانعكاسه على الشخصيات.
فنانون وشخصيات
● رشيد عساف:
«إنني رجل متسلط ولدي صلات مع أصحاب النفوذ ما يجعل رغباتي تتحقق، الأمر الذي يؤدي فيما بعد إلى وقوع مشكلات كبيرة تصل لمرحلة الفساد..» بهذه الكلمات تحدث الفنان رشيد عساف عن دوره في العمل، حيث يؤدي شخصية أحمد وهو رجل غني لديه معمل للبلاستيك، يتعرض بسبب الوضع الذي يعيشه البلد إلى مجموعة من الأزمات والمصائب، منها السرقة والاختطاف.. هو أب لثلاثة ابناء، وزوج مع وقف التنفيذ فقد هجر فراش الزوجية منذ عشرين عاماً رغم أنه يعيش مع زوجته في المنزل نفسه، إلا أن لكل منهما عالمه المنفصل عن الآخر.
● جيانا عيد:
تؤدي شخصية إنعام، وهي متزوجة من زهير الذي لا ينجب ولكنها تعيش معه حياة سعيدة لا يعكر صفوها إلا خبر إصابتها بمرض السرطان فتبدأ بنبش دواخلها، وتعتبر واحدة من الحائرات في المسلسل. وتؤكد الفنانة جيانا أن السبب الذي دفعها للمشاركة في العمل مرتبط بفكرته الأساسية التي تتناول موضوع المرأة في المجتمع العربي فهو «يقدم نماذج عن معاناة المرأة العربية».
● مصطفى الخاني:
يجسد شخصية إشكالية تحمل تناقضاتها حيث يحاول إقامة علاقة مع فتاة لكنها ترفضه ما يدفعه إلى وضع مخطط للانتقام منها، فيقوم باغتصابها، إلا ان ضميره لا يلبث أن يؤنبه.. حول خصوصية شخصية راغب يقول: هو شاب ينطوي على الكثير من المتناقضات في حياته، على نحو لا يمكن أن تصدر حكماً نهائياً عليه، فهو كريم وأناني، قاس وحنون، ملتزم ومنفلت فيأتي بالفعل ونقضيه، وفي كل مرة يردم المسافة بين الفعل ونقيضه بالندم. تعتقد أنه سيبدأ من جديد بداية صحيحة، محاولا اعلان ندمه وتوبته، ليجد نفسه في مواجهة المجتمع الذي لا يساعده على ذلك.