Quantcast
Channel:
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

عبدالله المزيّن: سقط جدي شهيداً وبقي علمه الأحمر مرفرفاً

$
0
0

الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا رجالاً ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فإن قاسما مشتركاً يجمعهم هو الحنين الى الأيام الخوالي. القبس شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.

في مستهل لقائنا مع عبدالله سالم عبدالله المزين، قال: جاء اسم المزين من تزيين الاعلام والسرج مقعد الجمال، وكذلك تزيين الحزى الاكياس القماشية التي توضع على ظهر البعارين، ومهنة التزيين كانت نساؤنا يقمن بها قبل الحرب، وهناك احد الاعلام في متحف الكويت، وعند أحد أفراد العائلة في متحفه الخاص مزين مازال يرفرف بلونه الأحمر ومزين بلون أصفر مع كراكيشه (جمع كركوشة) زائدة أو أهداب سجاد وقماش، وهذا العلم الموجود عندنا حمله جدنا ابراهيم في حرب الصريف قبل استشهاده ركزه في الأرض فأخذ يرفرف حتى بعد سقوطه على أرض الوطن.

قال: نحن من فريج المرقاب (المركاب) وجاء الاسم لان الحي كان على مرتفع قديما وكان المراقبون من الجند يراقبون القادم والخارج من المدينة منه، ويعتبر من أكبر أحياء الكويت وأوسعها، ومن أشهر فرجان المركاب، فريج العاقول وأم صده، ومن أشهر معالم المرقاب ثانوية للبنات افتتحت سنة 1959، ومسجد الحمد، وناد رياضي تأسس 1954، وديوان المرحوم الشيخ فهد المالك الصباح، كان مفتوحاً 24 ساعة ومن سكان المركاب عائلات المزين - الحلبي- الزايد- الزيد- المعوشرجي- الطويل- الخليفة- الشايع- الوزان، وكان في فريجنا شارعا يسمى «المزاينة» وشارك سكة البقر لكثرتها وتواجدها في هذه السكة.

ومن معالم المرقاب حفرة كبيرة حفرت لغرض الطين لبناء المساكن، وتجمع مياه الامطار، كانت تسمى حفرة «أدغيم» موقعها الآن موقع مجمع الوزارات، وجاء الاسم نسبة إدغيم انقلبت سيارته داخلها، ولم يستطع إخراجها فسميت باسمه، وخلفنا كان قصر نايف، أيضاً، وجاء الاسم لأنه بني على تل مرتفع، وكما قالوا كل مرتفع نايف شامخ، وبني القصر عام 1920، وحتى بوابة الشامية أطلقنا عليها بوابة قصر نايف لقربها من قصر نايف، وأم صده من الفرجان في المرقاب، وجاء الاسم من صده وعدم تظاهره من بقية الفرجان، وكل من يدخل «المركَاب» لا يشاهد أم صده لأن حي من الصدود، وهناك أقوال أخرى. ولا أعلم عنها.

 

هوام خيطان

وقال المزين: عائلة المزين من أوائل العوائل التي سكنت خيطان، وأتذكر كنا أيام الربيع والشتاء ننتقل إلى البيت الثاني من عام 1982، وسنة الهدامة 1954 سكناه بعد الأمطار التي هدمت البيوت. أما في فصل الصيف، فلا نستطيع السكن لكثرة الهوالات والهوامات من عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات في هذه المنطقة، عقارب متنوعة وحيات إذا زحفت تسمع فحيحها وأصوات أجراسها وحشرات عجيبة غريبة، وأتذكر حائط بيتنا يسود لونه لكثرة العقارب، نهرب من خيطان إلى المرقاب، والعتو قط كبير، جمعه عتاوية، كان ينظر إلينا دون خوف وجسمه يشبه النمر وكان شكله مخيفاً، ويسمى هذا العتوي بـ «المسلمانية»، وفي خيطان البريعصية حشرة زاحفة تسمى «أم سليمان»، ولكنها مسالمة وغير سامة، وكنا نسمع أصوات هذه المخلوقات مختلطة.

وأضاف: أتذكر كان يزورنا في خيطان هارولد ديكسون الوكيل السياسي البريطاني في الكويت وزوجته الميسز ديكسون المشهورة بأم سعود. وخيطان أرضها خيّرة معطاءة تنتج القمح والشعير، وجاء اسمها لوجود تلة صغيرة على أرض مرتفعة، عندما تهطل الأمطار تبرق هذه التلة بألوان الأزرق والأحمر والأبيض، فيقال أبرقت التلة، وكانت التلة صخرية بلوني الأبيض والأسود، ويقال لها «البرقاء»، وأيضاً، إذا انحدرت منها المياه يقال لها «أبرق»، ولشدتها كانت تصل إلى سد النقرة، لأن خيطان أرض مرتفعة، بلا عوائق للمياه.

 

تجارة الأغنام والسلاح

وقال المزين: آباؤنا وأجدادنا كانوا يتاجرون في الأغنام والسلاح، وهم من الأوائل في هذه المهنة، يرددون دائماً، إذا أردنا سعادة الدينا وطيباتها، فلنطلبها من إخلاصنا وحبنا لبلدنا فلنعمل ليلاً ونهاراً لخير الدنيا والآخرة، لأن الله سبحانه أحل لنا الطيبات، وحرم الخبائث، وانقذنا من الظلمات الى النور، بأعمالنا الخالصة له ولأرضنا وديننا زكت نفوسنا وتنورت عقولنا، الكويتيون العاملون لخدمة الكويت أصبحوا بنعمته إخواناً أشداء، ورحماء بينهم، لم يعرفوا الكسل ولا يعطون فرصة للعصيان، أسعدوا اجيالهم، أمنوا على انفسهم وعلى ديارهم، وقدموا الشهداء وتحملوا البحار والصحار، ادوا وتحملوا قتلاً او حتف انفه مات شهيداً.

قال: أجدادنا حملوا البيارق التي صنعوها بأيديهم بمساعدة نسائهم، ومنهم من استشهد في الرقة والصريف حتى على بوابة البحرين عندما أرادوا ان يفزعوا للبحرينيين في عهد الشيخ مبارك، وكانوا في السلم تجاراً للأغنام والماشية، سعوا في البراري مع حلالهم، وتحملوا المشقة والعناء، من أجل لقمة العيش ونصرة الكويت، وكان الواحد منهم يفدي بنفسه لأرضه وإخوانه، نعمة كانت ومازالت، شعلة الآباء انارت دروبنا، وشعلة الاجداد نبضت الحياة وحركت النور، ونحن الأبناء نعمل ومصرون على ان نعطي الكويت، ونحيطها بقلوبنا وارواحنا.

أضاف: آبائي تركوا تجارة الأسلحة لأبناء عمومتهم خليل وحمد وإلى الآن هم يتاجرون، وهم مشوا في صناعة البيارق، وانا عملت في وزارة التربية رئيسا لقسم المتابعة والدوام، والآن اعمل مختارا لمنطقة الظهر من عام 1989، كم اتمنى ان اخدم منطقتي وبلدي، واحترم الاهالي، وادعوهم ان يكونوا كالبنيان المرصوص لخدمة الكويت، وبطاقات هائلة.

 

التزاور والتآلف

قال المزين: كان والدنا وجدنا ينصحانا إذا تلاقيتم مع اي فرد من الجيران اسألوه: ما حاجتك؟ فقدم له انه اخ لك، وكما قال الامام علي بن ابي طالب (4).. لقاء الاخوان مغنم جسيم، وان قلوا..، كان الجار ضد التباعد والهجران، فالتزاور والتآلف من ثمرات الحياة، والتزاور كان يبعد الحسد والعداوة، والجار كان ألفا مألوفا، وكنا نتنافس مع من يبدأ بالسلام، والمصافحة كانت تذهب بالسخيمة، وكان هو صلة الرحم والبر، واذا احدهم سلم على الكبير كان يقول له: يا والدي يا أبونا، وكان يقبل يد الكبير، واذا سافر رب البيت، كان يوصي جاره بأهله ونسمع الرد يقول: ابشر وصلت الأمانة، ويزداد الاهتمام بهم أكثر من أولاده وأسرته، وكان شوقه وأنسه وابتهاجه إذا خدمهم، وكان يلاطف الصغار، ويقدم لهم كما يقدم لأسرته.

قال: إذا أقيمت عزيمة (وليمة) الكل يقوم بمساعدته، وكان الجار يقدم إلى جاره الأرز والماء والملح، ولكن للأسف اطفئت شعلة الجيرة والمحبة والعواطف التي كانت عند بعض الجيران، وأخمدت المنافسة في الخير بين الجيران، وضاعت العواطف النبيلة والمعاني الإنسانية، وراحت الفزعات، واطفئت الأنوار والشموع، وطمست كل معالم الجيرة والأرحام.

وللأسف نتعارك على موقف سيارة، أو حديقة أو شجرة أغصانها تتدلى على سوره، أصبح الجار لا يأمن جاره بوائقه، ألا يعلم الجار أنه إذا سمع النداء فهو جار، يعني أن كل من يصله صوت مؤذن من دون مكبر فهو جار، وحد الجوار أربعين دارا من كل جانب، كما قالت سيدتنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

 

حقوق الزوجين

وقال المزين: كان الوالد يعرف حق الوالدة، والعكس كذلك، وهذا يدل على اهتمام كل منهما بالآخر، فكانت الطاعة والمحبة والخير للأسرة كلها قائمة بينهما، وكانت تقوم بواجبها بطيبة قلب ونفس، فكانت هي الوساطة بيننا وبين الوالد، كل طلباتنا تأتي عن طريقها بعد موافقة الأب، حتى شراء الدراجة والسيارة في الكبر عن طريقها، وإذا دخل البيت تسمع سلامه وتحياته، وتجد الراحة النفسية والاستقرار في البيت، وكنا نشعر بما يشعر به من الكد والتعب من أجلنا، لا نتدخل الا للسلام، وأمنا قامت بدور الأم على أعظم ما يكون، وكذلك قام الأب بدوره حتى سلمانا الى المجتمع والوطن وسرنا في الحياة مجندين لخدمة الكويت، لا صوت ولا صراخ في البيت بوجود الوالد.

وإذا جلس تجد الشاي والقهوة والوجبات جاهزة، وبعد الأكل يأتي دور الزلابية والغريبة، وفي الصباح النخي والباجلا، فكانت الأمهات الصالحات مطيعات يحفظن الأموال والأولاد حتى يرجع إزواجهن. وكانت الأم أيام زمان تلبي كل رغبات الأب، العواطف والسعادة تنبعان منها، فلا يدخل علينا أحد إلا بإذنه، ولا تخرج إلا بإذنه، الأم أيام زمان جعلت للحياة قيمة وطعما وعطرا وراحة، فضائل الأخلاق من المنجيات الموصلة إلى السعادة الأبدية، هذه أوصلتنا إلى الطاعة والنفس القدسية، بيوتنا كانت من المرقاب إلى خيطان، وكل البيوت محصنة ومزينة بالرفق، «لكل شيء قفل، وقفل الإيمان الرفق»، «والرفق نصف العيش» فلنكن كما كانوا.

 

ألعاب المرقاب

وتحدث المزين عن الالعاب الشعبية الكويتية فقال: كانت واسعة ورحبة، فتحت امام اهل الحي النشاط والفكر ونمت عقولهم، انها عالم واسع تشمل العاب البر والبحر والنبات والامطار والحيوان، وحتى العبادة شملتها هذه الالعاب، شعرنا بالجمال والنظام كل ما اقوله هو صورة متكاملة يكمل بعضها بعضاً، كل لعبة فيها اعجاب كثير، كم هي جميلة وعظيمة، ليتها تعاد بالمناطق تحت اشراف وزارة التربية، لانها العاب تربوية فيها الوعي والاعتماد على النفس وتنقل جيلنا الى احضان الحب والرحمة والعناية، والى العيش في اسرة ومجتمع والتعامل مع الآخرين والاحتكاك مع من في عمره.

وقال: من هذه الالعاب التي مارسناها في المرقاب والتي اشبعت حاجاتنا، لعبة اشتط كلها منافسة وقوة وتعاون لكي ننقذ زميلنا ويكون النصر لنا، ولعبة حَلَّتْ فيها شيء من العنف والتعب، ويكون عدد اللاعبين حوالي عشرة، ولعبة إطوير الهندي تعتمد على الذكاء والتخمين، ولعبة التيلة المسلية، ومكاسر يوز (جوز) فيها الاتفاق والصدق في القول، والقوة في اليدين.

اضاف المزين: ولكن هناك لعبة لا ننساها عبارة عن مردي (رمح من البردي) يستورد من الهند وافريقيا، وكان يستعمل لدفع السفينة الصغيرة في المياه الضحلة، نعلق فوق المردي نحن الاولاد في الفريج سمكة صبور بعد شيّها ونربطه بالحبل عندما تأتي القطة لاكل الصبور نسحب الحبل فيسقط المردي وتسقط القطة على رأسها، لعبة فيها الفن والصبر والضحك خاصة عندما يأتينا عتوي من المجاص (ارض تحرق لاستخراج الجص) موقعها جنوب المرقاب وخلف السور، اذا وقع ضحكنا عليه وهو ينظر الينا، واتذكر عتوي اعور بعين واحدة، واذا صاح بصوته المزعج يجمع العتاوية كلها، والعزيزو عبارة عن عظام صغيرة نلفها بالقماش ونكحلها، لعبة خرافية، وكنا نسمع اصوات البنات وهن يلعبن عن بعد منا:

 

امي تناديني

ما ادري إشتبي فيني

تبي اتحنيني

في اغضيره الصيني

صيني على صيني

يا ربي تهديني

وأزور بيـت الله

وأشوف حبيب الله

بيت العيوز احتزك

صبوا عليه ماي ومرك

 

ولعبة الحبال في المرقاب في فصل الربيع خاصة ما احلاها كانت عندنا، وكل تفكيرنا واذهاننا كانت في الخروج الى الساحات الخالية والقريبة من المزروعات او تحت الاشجار، كنا ننبش تحت الحيطان والسيسان بحثاً عن «الغبابي» دودة تأكلها الطيور واذا لم نحصل نصطاد الصراصير لوضعها في الفخاخ.

قال المزين: من اجمل طيور الربيع في الكويت: الحمامي، الرماني، الكحافي، همروش، بنت الصباغ، الصعوة، ومن العابنا في المرقاب: الفطاوي التي كانت شائعة بيننا، منها:

ــ طاسة في البحر ركاسه. (الشمس)

ــ أبوك في البيت ولحيته بالسكة. (المرزام)

ــ كبه (قبة) خضرة وداخلها عبيد. (الركيه)

ــ بنات مسعود عمايمهم خضر وثيابهم سود. (الباذنجان)

وقال: ونحن صغار لا نعرف سندويج فول ولا فلافل، واللي يأكله كنا نعيبه، نقول له: تترك الخبز والعداني، والسكر كنا نضعه في المخباة - اي جيب الدشداشة - ودشاديشنا جله ملحة (مغبرة، والاملح هو الابيض الاغبر غير الناصع البياض)، وقماشها من الململ والمريكن الذي يتخذ للاكياس.

 

المزاينة أهل البيرق

ذكر ابو مشعل المزين: اشتهرت عائلتنا في البطولات وحمل الاعلام وتزيين الخيول والجمال عند الحروب، فأطلق علينا المزاينة اي «الجميلين»، وهذا الشهيد ابراهيم بن عبدالله بن محمد المزين حمل «البيرق» بعد ابيه الشهيد في معارك هدية ومزبورة، والرقعي، وغيرها من المعارك، وشارك في جميع المعارك عدا الجهراء، حيث كان في الهند للعلاج من الم في عينه، وهو من مواليد 1850م، يسمى بطل غزوة وعشرين معركة، وقد حمل بيرق الحرب بالوراثة، وتوفاه الله تعالى عام 1965 عن عمر 115 عاما، ومن قصائده:

حنا أهل الصولات والصولات منا

نوقف مع كل مظلوم

ولا نخانا، البعيد جيناه من غير منه

نسمع ونات العدو ولا جيناه صايلين

مزاينة وبيرق الحرب زينة

سيوف على روس الظالمين

لمسكنا البيرق ما يميل منا

يشهد لنا عبدالله وحروبه براهين.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 8691

Trending Articles