
تواصلت فعاليات مهرجان القرين 19حيث استضافت رابطة الأدباء الكويتيين مساء الأربعاء محاضرة بعنوان «أثر الأدب العربي في الأدب الفارسي خلال القرون الإسلامية الأولى»، حاضر فيها كل من د. فيكتور الكك استاذ الادبين العربي والفارسي ود. بتول مشكين فام أستاذة اللغة والأدب العربي في جامعة الزهراء الإيرانية، المحاضرة قدم لها الكاتب خليل على حيدر.
كانت البداية مع د. فيكتور الكك، الذي قدم ورقة بحثية بعنوان «التأثير العربي على الشعر الفارسي»، ووصف فيها التفاعل بين الأدبين العربي والفارسي بأنه ملحمة ثقافية مشتركة، وأكد الكك أنه بعد دخول الإسلام إلى بلاد فارس تلقف الفرس اللغة العربية وأدخلوها إلى اللغة الفهلوية.
«عجمي نما به التعريب»
وأشار الكك إلى أن الشعر الفارسي توكأ على الشعر العربي حيث اقتبس الشعراء الفرس الأوزان العربية في شعرهم، وأن قصائد المعلقات وشعر المتنبي كانت في مقدمة اهتمامات الشاعر الفارسي وعلى رأسهم الشاعر الكبير جلال الدين الرومي الذي كان مولعا بديوان المتنبي، ولدرجة أن أحد شعراء أصفهان قال عن تأثره بالأدب العربي: «عجمي نما به التعريب».
شعراء اللسانين
وقال الكك إن الثقافة هي جسر للتقارب بين الشعوب، وأكد أن الإيرانيين يعرفون عن الأدب العربي أكثر مما نعرفه نحن العرب عن الأدب الإيراني، وضرب مثالا بشعراء الفرس ذوي اللسانين الذين كانوا يكتبون الشعر باللغتين الفارسية والعربية.
غراب البين
وتناول الكك أهم مظاهر هذا التأثير الكبير للشعر العربي في الشعر الفارسي مثل: المبالغة في استخدام مفردات اللغة العربية وأن بعض القصائد المكتوبة بالفارسية كانت قوافيها كلها عربية، كما أن الشعراء الإيرانيين شبهوا ممدوحيهم بحاتم الطائي.
كما عمد شعراء الفرس إلى تقليد شعراء العربية في المناظرة، واخذوا عنهم رمزية «غراب البين» التي تشير إلى افتراق الأحبة، رغم أن هذه الرمزية لا تتسق مع تراث إيران الاعتقادي الزرادشتي السابق للإسلام.
قبل الاسلام وبعده
أما د. بتول مشكين فقد قدمت بحثا بعنوان «الأدب العربي وأثره في النثر الفارسي»، حيث تحدثت في البداية عن اللغة الفارسية واهم أدوراها حيث ظلت الفارسية لغة إيران الأدبية والثقافية حتى دخول الإسلام، وظهر تأثرها في اللغة العربية، وكأن التأثير الاكبر في مجال الأدب، الذي كان يكتب باللغتين الفارسية والعربية جنبا إلى جنب خاصة في عصر الدول المستقلة عن الخلافة الإسلامية.
النثر الفارسي
وأشارت مشكين إلى أن النثر الفارسي تأثر باللغة العربية لدرجة أن بعض القصص المترجمة المكتوبة بالفارسية او المترجمة إليها كان يعاد إنتاجها كي تستوعب أكبر كم ممكن من مفردات اللغة العربية. وتطرقت مشكين إلى انواع عديدة من النثر الفارسي ودرجة تأثرها في اللغة العربية مثل المقامات التي لم يتأثر بها الإيرانيون باستثناء نفر قليل، بينما كان تأثير العربية على الرسائل في الدواوين الفارسية اكثر وضوحا.
وقالت مشكين إن النصوص العرفانية تأثرت بشدة في اللغة العربية، وأن السبب وراء ذلك أن النص العرفاني استعان بالمفردات العربية بسبب حاجته إلى السجع الذي توفره العربية اكثر من الفارسية.
وأكدت مشكين أن الخطابة الفارسية لم تحذ حذو الخطابة العربية بل ظلت في إطار المجالس التي تقص الملاحم وتقدم الوعظ وضربت مثلا بالفقيه الصابوني الذي كان يقدم مواعظه باللغتين العربية والفارسية.
النثر المرسل والمتصنع
وأشارت مشكين إلى أن هناك نوعين من النثر الفارسي الأول، هو «النثر المرسل» الذي يخلو تماما من المفردات العربية، بينما الثاني، هو «النثر المتصنع» الذي يحتوي على الكثير من مفردات اللغة العربية، وكان هذا النوع من النثر مفتوحا امام مفردات اللغة العربية التي كانت تدخله من دون تأشيرة كما يقول احد استاذة الأدب الفارسي، وأنهت مشكين بحثها بالتأكيد على أن النثر الفارسي تأثر في الأدب العربي ونهل منه.